الطفرة التي شهدها التعليم في المملكة تأتي ضمن المنجزات الحضارية لهذا الوطن المعطاء وما تحقق له على يد الباني المؤسس الملك الهمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبنائه البررة من بعده. كيف لا ونحن نعيش أزهى عصور النماء والتطور في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومشروعه الرائد -يحفظه الله- لتطوير التعليم بالمملكة الذي حقق نقلات غير مسبوقة في تدريب المعلمين وتطوير مهاراتهم بالإضافة إلى تطوير المناهج الدراسية واستثمار التقنية في تحسن أداء الطلاب. وحقيقة الأمر وبرغم هذا التطور تظل المسيرة التعليمية بحاجة لتجارب الدول الأخرى في مجال التعليم، خاصة اليابان وأسرار التجربة التعليمية اليابانية وإنجازاتها وأثرها على مستوى الطلبة والأسرة والمجتمع والدولة.. أقول ذلك بحكم معرفتي بهذه التجربة العالمية الفريدة وأثرها حتى على أسرتي وأبنائي وبناتي كوني سفيراً لبلادي لهذه الإمبراطورية اليابانية العملاقة إذ عاهدت نفسي أن أساهم ما حييت في نقل التجارب اليابانية إلى وطني في محاولة لتطوير الجوانب التعليمية والعلمية والاقتصادية والتنموية والتكنولوجية لدينا لنواكب الحضارات العالمية الأخرى ذلك أننا ننهل من معين لا ينضب هو خادم الحرمين الشريفين الذي يوجه دائماً وأبداً الجميع ببذل غوالي طاقاتهم وبصائرهم ما يسدي لهذا الوطن كل رؤية نافذة وكل فكرة ناجزة لاسيما في مجال التعليم ومستقبل أبناء الوطن. وفي الواقع إنني أتحدث عن المساحات الواسعة في تنظيم الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية في شتى أنحاء المملكة لتبادل الآراء والخبرات بين المملكة ودول العالم من خلال استضافة خبراء وعلماء إضافة إلى المفكرين والمثقفين بمختلف توجهاتهم. وأعني هنا تحديداً أكبر تظاهرة تعليمية على مستوى الشرق الأوسط عقدت مؤخراً بمدينة الرياض وهي منتدى ومعرض التعليم الدولي في دورته الثالثة التي أقيمت تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. هذه التظاهرة التعليمية التي باتت الوجهة المفضلة للمسئولين والتربويين وصناع القرار والملاك والمستثمرين في قطاع التعليم من جميع أنحاء العالم بمشاركة نحو (250) شركة عالمية متخصصة في صناعة التعليم تمثل أهم الشركات والمؤسسات والمنظمات المحلية والعالمية المتخصصة في ابتكار وتنفيذ المشاريع التعليمية، وجلب المزيد من الزوار والمعنيين بتقنيات التعليم. ما يلفت النظر هنا أن مجمل الأوراق التي نوقشت -أكثر من (30) ورقة- في هذا المنتدى التعليمي تقدم بها خبراء من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وسويسرا وفنلندا وسنغافورة وقبرص وأسبانيا وبلجيكا وفرنسا ونيوزيلندا والمملكة العربية السعودية ولبنان والأردن استهدفت العديد من المحاور للوصول إلى أفضل الممارسات لتطوير المناهج الدراسية والمعلمين وبناء الشراكات العالمية المتخصصة في صناعة التعليم وتوفير المناخات المناسبة لعقد اللقاءات بين قادة العمل التربوي بوزارة التربية والتعليم والمهتمين بالشأن التعليمي في المملكة. صحيح أن استفادة المملكة من تجارب دول العالم التعليمية كثيرة وهامة ومطلوبة ولكن تركيزي يظل هنا جوانب الإفادة لواقعنا في المملكة من التجربة التعليمية اليابانية ويمكن إجمالها في عدة جوانب مع التأكيد على تعاليم ديننا الحنيف التي تحثنا على طلب العلم ولعل أول هذه الإفادات هي الاستثمار في التعليم وأهمية ذلك مستقبلاً للعملية التعليمية ومعرفة القيمة الحقيقية للتعليم وهي صقل الطالبة وتدريب المعلمين والاستفادة من تجربة المركزية واللامركزية في إدارة النظام التعليمي الذي يعطي مرونة في الإدارة، إضافة إلى الموازنة بين الأصالة والمعاصرة للطور والحفاظ على التقاليد والثقافات الوطنية وتنمية روح المسئولية عند الطلاب برفع كرامة بعض الأعمال كتنظيف المدرسة من قبل الطلاب التي ينظر إليها على أنها أعمال وضيعة! حرص الأسرة على تعليم أبنائها بحضور الأمهات في حال مرض الطلاب لعدم تفويت الدروس على أبنائهن وغرس قيم العمل منذ المراحل الابتدائية والاهتمام بالتعليم الفني والمهني وإدخال التقنيات، لكن أهم جوانب الإفادة من التجربة. اليابانية هي إرادة التغيير وإصلاح التعليم فهي سر المعجزة اليابانية التي حولتها من دولة محطمة بعد الحرب العالمية الثانية 1945م إلى قوة اقتصادية عالمية. وإن كان لي من إضافة في آخر المقال أن المناهج الدراسية في اليابان تتغير وتتطور فهي تلبي احتياجات السوق الاقتصادية والاجتماعية وتظل المناهج تتبدل حسب احتياجات التنمية ونقطة أخرى هي بيت القصيد في حديثي اليوم هي إن إنكار ذات المعلم والتفاني هي سمة غالبة على المعلمين في اليابان وحرصهم على تطوير معلوماتهم وقربهم من الطالب. قد تكون هذا أحلاماً لنا من هذه الإفادات وما ذلك على الله بعزيز. والله الموفق،، - سفير المملكة لدى اليابان [email protected]