تعقيباً على ما نشرته الجزيرة في اليوم الأول من جمادى الآخرة 1434ه عن أن المدينةالمنورة تستحق أن تكون عاصمة الثقافة الإسلامية بقلم الأستاذ عبد الله الفالح، وقد تحدث في مقاله عن المدينة ومكانتها في الإسلام ولدى المسلمين عامة ولسكان المملكة خاصة ولسكانها أخص، وقد وفى بما قاله، غير أني أريد وفي هذه المناسبة أن أذكر محبي هذه المدينة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم برجل أمّ حرم المدينة ردحاً من الزمن وخالق الناس بخلق حسن، هذا الرجل الذي نسيناه وكان حقاً علينا أن لا ننساه، هو العالم الفاضل والشيخ الجليل إمام وخطيب الحرم النبوي الشريف الشيخ عبد العزيز بن صالح بن ناصر بن عبد الرحمن آل صالح، ومن منا لا يعرف هذا الرجل ويتذكر شخصيته المحببة للنفوس، ومن المؤكد أنك إذا زرت الحرم النبوي الشريف تذكرت الشيخ عبد العزيز وتذكرت إمامته للمصلين وتخيلت صورته قائماً على المنبر الشريف وفي روضة رسول الهدى نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس، ومن خلالها يتراءى لك صوته داخل الحرم وخارجه مصحوباً بدواعي الاطمئنان والخشوع، لا يمل السامع سماع صوته وهو يخطب الجمع أو الأعياد يشنف آذان السامعين بقراءة القرآن وحين تكون مأموماً تتمنى أن يطول في قراءته لما لسماعه من لذة بما يقرأ صوت شجي وتلاوة مرتله وكأنه أحد مزامير آل داوود عليه السلام، يا سبحان الله ما أعظم هذا الرجل وأعظم بإمامته للحرم النبوي الشريف طالت إمامته للحرم النبوي حتى قارب الخمسين عاماً، وكان يمتاز بسلاسة القراءة وعذب اللفظ ممزوجاً بإجادة التجويد، وحتى الآن لم أسمع خطيباً أو إماماً لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع أن ينسينا صوت ذلك الإمام والعالم الجليل، أو ينسينا تصوره وهو يؤم المصلين أو يخطب الجمعة (معذرة لأئمة المسجد النبوي)، والشيخ عبد العزيز ذو شخصية قوية ويعتبر من وجهاء العلماء، رأس محكمة المدينةالمنورة واستقل برئاسة الدوائر الشرعية بها زمناً طويلاً وكان عضوا في هيئة كبار العلماء وعضوا بمجلس القضاء الأعلى ومدرساً بالحرم النبوي الشريف، علاوة على إمامته له حتى توفاه الله يوم الاثنين 17 من صفر من العام الهجري 1415ه في المدينةالمنورة، فرحمه الله رحمة واسعة واسكنه أعلى الجنان، ومن صفاته حب الخير للغير والعمل على إصلاح ذات البين يجتهد من أجل مساعدة الفقراء والأرامل والمساكين، كان يراعي حال المصلين في صلواتهخطبه، وهنا أقول بل أتساءل لماذا نسيه مسئولو وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، لم أغفلت أو تغافلت عنه إذاعة القرآن عن تشنيف آذان المستمعين بصوته العذب وتلاوته الندية للقرآن الكريم. فأين خطبه لا نسمع منها شيئاً وعلى الرغم من استماعي لقراء إذاعة القرآن كثيرا لم أسمع يوما ما إعادة تلاوة آيات من كتاب الله بصوته ولا أية خطبة له من خطب الجمع، أين إذاعة القرآن عن هذا الرجل العظيم والقارئ البارع، إن لسماع صوته تالياً للقرآن للذة في المسامع وتعظيم له في القلوب واني لأستمع إلى صوته تالياً لكتاب الله احب إلي من سماع صوت القراء بمجملهم الذي لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع صوتاً من قرائهم اعطوا هذا الإمام نصيبه من إعادة لتلاوته كتاب الله ليستذكره الناس ويتلذذوا بسماع قراءته التي لها وضع خاص لدى المستمعين وخاصة أبناء المدينةالمنورة الذين أجلوا هذا الإمام وهو بين اظهرهم ولا يزالون يجلون عالمهم وقاضيهم وهو تحت الثرى، رحمك الله يا شيخ عبد العزيز وأنزلك منازل النبيين والشهداء والصالحين، رحمك الله يا شيخ المدينة ويا قاضيها ويا خطيب مسجد رسول الهدى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. - صالح العبدالرحمن التويجري