من يتابع تويتر هذه الأيام يرى عجبا، وقد كتبنا قبلاً، وقلنا إنه أصبح أداة فرز حقيقية، فقد تبين لنا أن كثيراً ممن كنا نحسن الظن بهم، كانوا كذلك قبل أن تتاح لهم فرصة البث المباشر من خلال هذه الوسيلة الجديدة، وعندها اكتشف الجمهور أنه كان أمام رموز «مفبركة»، فمن الحديث المبالغ فيه عن الذات، إلى الحديث عن تفاصيل الحياة اليومية، من باب «كنت هنا»، و»سأذهب إلى هناك»، وأكلت هذا الطبق»، و»لم يعجبني ذلك الطبق»، وكأن المتابع في حاجة ماسة لمعرفة كل التفاصيل الخاصة في حياة المغرد، وماذا بعد؟! هناك في عالم تويتر، تجد المفتي من غير أن يستفتى، والخبير الاقتصادي، والعسكري، وهناك الشتامون، الذين لا يتورعون عن قذف الناس في أعراضهم، دون أدنى اعتبار للأخلاق، والقيم الإنسانية، ناهيك عن الدين، وقد ساءت اللغة لدرجة أن هناك من يفكر جدياً في اعتزال تويتر، فقد أصبح الحديث عن الطائفية أمراً معتاداً، وليس مستغرباً أن تقرأ سيلاً من الشتائم في حق طائفة بعينها، أو عالم ينتمي إلى هذه الطائفة، أو تلك، وما زال الناس في جدل مستمر حيال من يستطيع إيقاف هؤلاء المسيئين عند حدهم، فمع أن هناك قانوناً صريحاً وصارماً بهذا الخصوص، إلا أن الأمر لم يؤخذ بجدية، وربما يعود ذلك إلى أنه لم يتم تطبيق أي عقوبة حتى الآن. ولا ينقضي الحديث عن تويتر دون المرور على أولئك الذين يصرون على التربع على «عرش المجد»، حتى ولو كان ذلك عن طريق الغش، والتدليس، فتجد أحدهم يشتري متابعين وهميين، ولا يهم إن كان يغرد باللغة العربية، ومتابعوه المزيفين من الأرجنتين، والكونغو، وساحل العاج، والفلبين، والدانمرك، كما أنه لا يعنيه إن كان يغرد في الشأن الديني، ومتابعوه الوهميون يعتنقون الهندوسية، والبوذية، والمسيحية، فالمهم أن لديه متابعين بمئات الآلاف، والغريب أن معظم هؤلاء من مشاهير الإعلام، الذين ليسوا في حاجة لمثل هذا، فكيف فات عليهم أنه سيتم كشفهم، تماما كما تم كشف أصحاب الشهادات الوهمية، ولا ينقضي العجب عندما يتقمص مشاهير الأعلام دور الفلاسفة، والمصلحين، حتى ولو كانت علاقة بعضهم بالعلم والثقافة لا تتجاوز معرفة ما يعنيه المصطلح، وهنا تكون المتعة مضاعفة، إذ ليس هناك أكثر حمقاً ممن يعتقد أن الجماهيرية هي المفتاح السحري للتنظير، ولذا نقرأ بواقع لا مثيل لها في أي وسيلة إعلامية أخرى، وكل عام، وأنتم وتويتر بألف خير. [email protected] تويتر @alfarraj2