من أغرب الغرائب وأعجب الأمور أن يستغرق إصدار قرار (سهل) هذا الوقت الطويل بين مجلس الشورى ووزارة العمل في أخذ ورد وإعادة نظر مرة أخرى حتى استقرت وجهة نظر وزارة العمل وبعد ضغط كبير من (القطاع الخاص)حول ساعات العمل، حيث اشترطوا أنه في حالة الموافقة على إجازة (اليومين) للعاملين في هذا القطاع عليهم أن يعملوا تسع ساعات (يومياً)! أكتب هذه (المقدمة) بعدما قرأت على (الجزيرة أون لاين) خبراً يقول عنوانه: (مقترح بيومي إجازة و 9 ساعات دوام غادر ديوان العمل إلى قبة الشورى). وهذا هو نص الخبر كاملاً: (كشف وزير العمل المهندس عادل فقيه اليوم عن أن الوزارة رفعت هذا الأسبوع إلى مجلس الشورى، مقترحاً بتعديل ساعات عمل الموظفين بالقطاع الخاص على أن تصبح 45 ساعة عمل، بما يعادل 9 ساعات دوام على مدار خمسة أيام، على أن يتمتع الموظف بإجازة يومين أسبوعياً. ويتوقع أن ينتهي مجلس الشورى خلال الأسابيع القليلة المقبلة من مناقشة المقترح، وفي حال الموافقة عليه يرفع به إلى مجلس الوزراء لإقراره رسمياً. وكان فقيه أوضح مؤخراً أن إقرار (إجازة اليومين) يتطلب صدور التعديل على نظام العمل من مجلس الوزراء الذي أصدر النظام أساساً، ولفت إلى أن الوزارة شرحت وبررت هذا التعديل إضافة إلى تعديلات أخرى لمجلس الشورى. وبيَّن وزير العمل، أنه حضر جلسة مناقشة مع مجلس الشورى لشرح الأمور المتعلّقة بإجازة اليومين وكذلك عدد ساعات العمل، ومبررات الوزارة حول هذا الجانب، لافتاً إلى أن الملف ما زال مطروحاً أمام أعضاء مجلس الشورى. وبيَّن وزير العمل سابقاً أن وزارة العمل: (أجرت دراسات مقارنة بكثير من دول العالم بالنسبة للعمل، تبيَّن خلالها الاكتفاء بخمسة أيام في الأسبوع، وشرحنا مبرراتنا لهذا التعديل وتعديلات أخرى). وكان الدكتور عبدالرحمن الزامل رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، تحدث عن أن 54 في المائة من الشركات في السعودية تعطي إجازة يومين وتعمل خمسة أيام في الأسبوع، بمعدل 40 ساعة عمل أسبوعياً إضافة إلى ساعة راحة يومياً. وأشار الزامل إلى عدم وجود خلاف بين القطاع الخاص ووزارة العمل ومجلس الشورى على إجازة اليومين في القطاع الخاص في كل قطاعاته وشركاته، (هذا الأمر متفق عليه في تعديلات النظام). لكن نقطة النقاش وفقاً للزامل هي عدد ساعات العمل، والتي تمت في حوار وطني بين وزارة العمل وممثلين عن رجال الأعمال والعمال، إذ ينص نظام العمل الحالي على 48 ساعة وستة أيام في الأسبوع، في حين اقترحت وزارة العمل 40 ساعة عمل على خمسة أيام. وحسمت وزارة العمل النقاش الذي دار طوال الأشهر الماضية، برفعها المقترح الأخير بتسع ساعات عمل يومياً وإجازة يومين إلى مجلس الشورى الذي يتوقّع أن يبت فيه قريباً. وأنا أقول إن موظف القطاع الخاص من حقه الاستمتاع بإجازة (اليومين) ومن غير (منّة) من أرباب القطاع الخاص، فالنظام العالمي وجميع أنظمة العمل العالمية الخاصة من أمريكا إلى اليابان تمنح موظفيها إجازة اليومين أسبوعياً وبمعدل ساعات عمل لا تقل عن ست ساعات ولا تزيد عن ثمان بأي حال من الأحوال. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الفرق بين أن يعمل الموظف تسع ساعات يومياً لمدة خمسة أيام في الأسبوع وبين أن يعمل ثماني ساعات لمدة ستة أيام في الأسبوع؟! إنه من غير المعقول والمنطق أن تتجاوب وزارة العمل مع (ثلة) من المسيطرين على القطاع الخاص لتحقيق رغبتهم (الجشعة) بأن يفرضوا على العاملين لديهم تسع ساعات يومياً وأجزم أن الغرض من ذلك هو سياستهم الدائمة والمتمثلة ب(تطفيش) السعوديين ومحاربتهم بأي طريقة من أجل استقطابهم للعنصر الأجنبي الرخيص. إن هدفهم (مادي) بحت وليس وطنياً وهنا يجب أن تتدخل هيئة حقوق الإنسان في هذا القرار غير الحكيم فيما لو صدر، فالإنسان السعودي مثل أي إنسان على وجه الكرة الأرضية فهو ليس (مستثنى) أو آلة حديد يطلب منها العمل (تسع ساعات يومياً)! وأجزم أنه لو طُبِّق مثل هذا الإجراء فإن أكثر من 90% من العاملين السعوديين في القطاع سيقدّمون استقالاتهم اليوم قبل الغد وهنا سيخلو الجو لأرباب العمل الخاص لتحقيق أهدافهم ومآربهم (المشبوهة) على حساب الوطن وأبناء الوطن، بل اقتصاد الوطن! إن كلام الدكتور عبدالرحمن الزامل رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض هو (عين العقل والصواب)، حيث قال إن 54% من الشركات السعودية وقبل هذا القرار تعطي إجازة يومين للعاملين لديها وبمعدل عمل خمسة أيام في الأسبوع بمعدل 40 ساعة أسبوعياً إضافة إلى ساعة راحة يومياً! وتعليقي على رؤية وكلام د. الزامل هو أن 46% فقط هم (المعارضين) وهم الذين يطالبون ممن يعمل لديهم بالعمل تسع ساعات يومياً وهؤلاء يجب أن لا يلتفت لهم ولا لظلمهم لأبناء جلدتهم وبالتالي يجب أن توضع في الحسبان والاعتبار رؤية ومنطقية د. عبدالرحمن الزامل. وأدعو من منبر (الجزيرة) رئيس مجلس الشورى وأعضاء المجلس الموقّر أن يرفضوا فكرة (التسع الساعات) رفضاً قاطعاً ورفض ضغوط أعداء الوطن الذين يبحثون عن (مصالحهم) وتعاظم تجارتهم وأموالهم على حساب المواطن (السعودي) ثم انظروا إلى الموظف الحكومي الذي يعمل فقط 6 ساعات يومياً تبدأ من الساعة 8 صباحاً وحتى 2 ظهراً، أي بمعدل 30 ساعة في الأسبوع فكيف أفرض على موظف القطاع الخاص 45 ساعة في الأسبوع فالجميع سعوديون وأجسادهم واحدة والتزاماتهم واحدة وعاداتهم أيضاً واحدة! احسبوها جيداً يا رجال ويا سيدات الشورى الكرام.. تسع ساعات يومياً ومعها ثلاث ساعات في الذهاب إلى العمل والعودة منه إلى المنزل في ظل هذا (الزحام الشديد) في الرياضوجدة والدمام وغيرها! أي لم يتبق له إلا 12 ساعة فقط من اليوم لموظف القطاع الخاص، منها 7 إلى 8 ساعات (نوم) فهل بربكم ال4 ساعات المتبقية من يومه كافية للأكل والشرب وقضاء الحاجات والزيارات وتلبية الدعوات المختلفة وأنتم تعرفون مجتمعنا جيداً في عاداته وتقاليده! آمل إعادة النظر في عمل ال9 ساعات قبل رفعه لمقام مجلس الوزراء وإعادة النظر فيه جيداً قبل أن تخلو أروقة ومكاتب وشركات ومؤسسات القطاع الخاص من (السعوديين)، والله المستعان. عبدالله الكثيري