تعلم إيران أن التحالف مع الأقوياء، هو الذي سيجلب لها الامتيازات في المنطقة، حتى وإن غابت تفاصيل تلك العلاقة بين منهجي الإسلام السياسي عند فريق الإخوان المسلمين، إلا أن نقطة العداء للغرب، ستكرس فرضية التقاء الطرفين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، حاجة مصر -في الوقت الحالي- إلى الدعم الاقتصادي، والاستثمارات الخارجية بقوة. يشهد لذلك، ما أكده -نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية- حسين أمير عبداللهيان، لصحيفة السياسة الكويتية، بأن طهران: «تشعر بالارتياح؛ لوصول الإخوان المسلمين إلى أماكن متقدمة في قيادة بعض الدول العربية، بعد اكتساحهم نتائج الانتخابات البرلمانية، كما حدث في تونس، ومصر، والمغرب». ثم إن القاسم المشترك بين الطرفين، هو إحياء مشروع الأممية الإسلامية كأيديولوجية، تحكم كل أوجه الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وإن اختلفت ذهنية الطرفين في التفاصيل. وهو ما راهنت عليه إيران منذ قيام الثورة المصرية، فالدولتان تعتبران مركز الثقل، إن في العالم السني، أو في العالم الشيعي، -إضافة- إلى التعداد السكاني الهائل، والإرث الحضاري القديم، والموقع الجغرافي المتميز؛ ليشكل ما سبق، منطلقا لإيران في التعامل مع الإخوان المسلمين، والعبور من خلالهم إلى العالم السني. عند التحليل الدقيق، فإن فكر الإخوان المسلمين يفتقد لمناهج التطبيق الصحيح في العلاقات الدولية، وكيفية التعامل مع مستجدات الأحداث الجارية في المنطقة. ومنهجا كهذا، جعل خيار التوافق بين الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإيران مطروحا بقوة؛ للإبقاء على توازن القوى، -خصوصا- بعد نضوج ما يجري من أحداث هائلة على الأرضية السورية. في تقديري، سيفرض الواقع نفسه في نهاية المطاف، وستكون مصر قابلة للاستيعاب، وأخشى أن تكون قابلة للتوظيف، والذوبان، -لاسيما- وأن إيران تبحث عن بديل إستراتيجي لسوريا؛ لخلق نوع من التوازن بين القوى في المنطقة، ولن يتم ذلك إلا من خلال اختراقها، وتدعيم نفوذها اعتمادا على سياسة القوة الناعمة، كمنهج ناجح في إحداث هذا التوغل، ومن ثم التأثير. وهو ما أكده المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين -الدكتور- كمال الهلباوي، بأن: «مستقبل الشيعة في المنطقة -عموماً-، ودول الربيع العربي -خصوصاً-، سيكون أفضل بوصول الإخوان، أو الإسلام السياسي الوسطي إلى الحكم في دول الربيع العربي، والمنطقة -عموماً-؛ لأننا آنئذ نستطيع أن نتعاون فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه». بقي أن يقال: لم يكن التقارب بين إيران، والإخوان المسلمين إلا بمباركة أمريكية؛ لإمرار مشاريعها في المنطقة، دون اللجوء إلى لغة القوة، وعلى رأس هذه المشاريع: الحفاظ على أمن إسرائيل، وحماية المصالح الأمريكية. وهو ما ستنظر إليه دول الخليج؛ لمعرفة موقف مصر الجديد من التوازنات العربية، والإقليمية بنوع من القلق. فإيران إن نجحت في مشروعها القادم، فستعتبر قفزة ضخمة في هذا المسار، وقد يمتد نفوذها إلى أماكن أبعد؛ وفقا لإعادة رسم خارطة القوى، والتحالفات السياسية، والإستراتيجية في المنطقة. [email protected] باحث في السياسة الشرعية