تهم القدرات المستقبلية أكثر من الأداء السابق. هذا ما يقوم عليه التوافق الكمي الجديد، الذي يعاود صقل معالم الرياضة المحترفة حول العالم. وبعد التمّعن الشديد في الأرقام، حسم أصحاب الامتيازات الأصغر حجماً رأيهم الجماعي، وقرروا أنهم لن يدفعوا علاوة على أداء تمّ تسجيله بالأمس، ما يعني فعلياً أنه تم استبعاد رياضيين مرموقين وبارزين في نوادٍ عدّة، بدءاً بفريق «أف سي برشلونة» ومروراً بفريق «مانشستر يونايتد»، وبدءاً ب»شيكاغو بيرز»، ومروراً ب»نيو إنغلند باتريوتس. وبسبب التحليلات، يصبح السؤال حول «ما فعلتموه مؤخراً» مبتذلاً وبالياً، لتتناول الأسئلة المطروحة اليوم «ماذا ستفعلون غداً»، و»كيف نتأكد من ذلك». إن فلسفة الجيل القادم هذه، التي تطبّق فلسفة رياضة «الكرة النقدية»، تنطوي على تداعيات هائلة بالنسبة إلى الطريقة التي يلجأ إليها مدراء الأداء العالي لتحفيز أصحاب الإنجازات الكبيرة المستقبليين. وتكمن القيمة الاقتصادية لتوقع المنهجيات في معاودة تحديد القيم الثقافية للوفاء والقيادة، مع الإشارة إلى أن لفظة «البارحة» هي بمثابة التكلفة الغارقة. ولاحظ داريل موري، مدير عام فريق «هيوست روكتس» التابع لنادي «أن بي إيه»، وهو من الأشخاص الرائدين في مجال توفير التحليلات الكمّية للاعبي كرة السلة المحترفين، في حديث أجراه معي، «صحيح أن التوجه القائم حالياً هو نحو الأداء المستقبلي، وأعني بذلك الأداء «المتوقع» مستقبلاً. ويقوم عملي على زيادة احتمال فوزنا في المباريات والبطولات، وتحصل هذه الأمور عندما نمضي قدماً، وليس عندما نتطلع إلى الخلف». ولكن عندما يكون الأمر مرتبطاً بعالم الأعمال، يلفت موري إلى أنه ما من رسم بياني للتقدّم في السنّ بالنسبة إلى مهارة معينة على غرار التسويق. وصرّح قائلاً في هذا الصدد: «لا يمكننا القول إن هذا الرجل لن يطلق فكرة تسويقية جيدة أخرى بعد سن الخمسين». ولكن لمَ لا؟ إن كنت تدير شركة على غرار «يونيليفر» أو «فورد»، ستنتابك مخاوف مشابهة بالنسبة إلى التأكد من أنك ستستخرج أفضل عائدات ممكنة من موهبتك. وتتمثل العقبة، التي يقر موري بوجودها، بأنه لا يزال من الصعب جداً تقييم التأثير الإيجابي لقائد يتقدم في السن، وباتت مهاراته الجسدية متناقصة، ولكن شخصيته تدفع بجميع أعضاء الفريق بتحسين أدائهم. ولا ينفي أحد الواقع الذي تشمله هذه الظاهرة التنظيمية أو أهميتها. ولكنها ليس الوجهة التي تسلكها معايير «الكرة النقدية» اليوم. اشتهر بيل بارسلز، مدرّة كرة القدم الفائز بمباريات «سوبر بولز»، بقوله «إنّ سيرتك تحدّد من تكون». واليوم، ما عاد الأمر صحيحاً، حيث إن التوقعات الواردة في التحليلات هي التي تحدد ما ستكون عليه. ويعمل ذلك على تغيير العقد الاجتماعي - وكذلك المهني. هل تعرف ما هو مقامك على الرسم البياني للتقدّم في السن؟ وهل يعرف به ربّ عملك؟ (مايكل شراج شريك بحث في مركز الأعمال الرقمية التابع لكلية «سلون» في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف «رهان جدّي»).