أعترف سلفا أنني لم أتابع الكوميدي المصري باسم يوسف إلا مؤخرا، وربما شاهدت حلقة أو حلقتين من برنامجه، ويبدو واضحا أنه يملك الموهبة اللازمة ليصبح كوميدياً من طراز رفيع، إذ إن الكوميديا ليست تهريجا فحسب، فمعظم أبرز الكوميديان في أمريكا -على سبيل المثال- هم من المثقفين أولا، ولذا فهم يطرحون القضايا الساخنة، خصوصا قضايا الساعة السياسية بشكل ساخر، وهذا ما يحاول السيد باسم يوسف فعله، ولعله نجح إلى حد كبير، ولكن المؤلم في الأمر هو أن يوسف، كما كل العرب، ليس مبتكرا، فبرنامجه لا يعدو أن يكون نسخة عربية من برنامج الكوميدي الأمريكي الشهير جان ستيورت!، الذي يعتبر برنامجه واحداً من أبرز البرامج الساخرة على مستوى العالم حاليا، وانتحال يوسف لفكرة البرنامج هي امتداد لما سبقه من انتحال ممجوج لبرامج غربية شهيرة، كعرب ايدول، وغيره من البرامج التي لا يكلف أصحابها أنفسهم أحيانا حتى بمجرد الاعتراف بأنها منتحلة. كانت حلقة يوسف الأخيرة قاسية إلى حد كبير، ولا يلام في ذلك، فشعب مصر الذي ثار على الظلم، والفساد لم يكن يتخيل، حتى في أسوأ كوابيسه، أن تؤول الأمور إلى ما آلت إليه، حيث الفوضى، وانتهاك القانون، والحالة الاقتصادية المتردية، وربما أن يوسف يخدم حكومة الإخوان من حيث لا يحتسب، أو يحتسب!، فهو يساهم في تقليل حدة الاحتقان المتزايدة تجاههم، فالسخرية، ومع أنها لا تغير من الواقع شيئا، تعتبر علاجاً مجرباً، وربما أن خير من يعلم ذلك هو أهل الكوميديا الحقيقية، وأعني الأمريكيين، فمعظم البرامج الشهيرة، كبرنامج جان ستيوارت، الذي يقلده باسم يوسف، وبرنامج ديفيد ليترمان، وبرنامج جون لينو، وغيرهم، تتخصص في نقد الحكومة، والرئيس الأمريكي تحديدا، ولا يمكن أن ينسى المشاهد فترة الرئيس بوش الابن، التي كانت فترة ذهبية لنجوم الكوميديا، حيث يندر أن يمر يوم دون «زلة لسان»، أو تصرف أهوج يتغنى به مجانين الكوميديا طويلا، وربما أن فترة الرئيس مرسي في مصر شبيهة بها إلى حد كبير، حيث قلة التجربة لدى تنظيم الإخوان ككل، وانعدام الكاريزما تماما لدى الرئيس مرسي، وهذا ما ساهم في النجاح المنقطع النظير لبرنامج باسم يوسف، وفي الأخير، فإن الكوميديان الحقيقي هو الإنسان المثقف، القادر على السخرية من الآخرين بطريقة ذكية، وعميقة، وغير مباشرة، تماما كما يفعل باسم يوسف، ولكن علينا أن نتذكر أن البرنامج ليس من ابتكاره، بل هو منتحل من برنامج غربي شهير كما أسلفنا، فمتى سيكون لدينا برامجنا الخاصة بنا، أي غير المنتحلة؟!، والإجابة لديكم، وإن كنت أعتقد أن بيننا وبين ذاك مسافات ضوئية للأسف الشديد. [email protected] تويتر @alfarraj2