أن تعلم كل الذي لم تكن تعلمه.. خير لك من أن تجهل كل الذي يعلمه غيرك.. وعلمك بالشيء لا يخولك أن تظن بك بلغوك كلَّ العلم.. فما أوتيت من العلم أكثره, هو أقله عند غيرك..، وما أقله عندك، هو أكثره عند غيرك.. لكنك مطالب بالعلم.. وإلا فإنك تعطّل أول ما يميزك عن بقية المخلوقات.. فإن أعملت عقلك فيما تجهل، سعيت لما لا تعلم.. وإن ظننت بما تعلم أنك أعلم من غيرك..., فلن تتقدم في علمك قيد أنملة.. وكل ما يشاكلك من العلم له مظان، وخاصةٌ، وقد ورد في دستورك العظيم، كتاب الله أن {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}. فلا يقصر بك غرور، ولا يتأخر بك ظن عن الأخذ ممن أوتي علماً أوسع من علمك.. وإن أثرى ينابيعك للعلم هو ما أنزله لك ربك الواحد العالم ..، وما نطَّق به سبحانه وتعالى رسولَك, نبيه الذي لا ينطق عن الهوى، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آل بيته, وخلفائه، وصحابته, والتابعين رضي الله عنهم، وسلم تسليماً كثيرا.. ففي الكتاب العظيم كل آية باب للتعلم ..، وكل سورة مدينة للعلم، .. بل وطن.. كما أن كل حديث نبوي كريم..، هو قنديل يضيء لك ظلامة ما تجهل.. فكل ما لم تدركه، فأنت جاهل فيه.. لذا يبقى الإنسان ما تعلم جاهلاً..، وما قصر عن معرفة جاهلاً.. فليست الشهادات خواتيم العلم، ولا إقفال دون جوانب الجهل فيك.. إذ كل ما وهبك الله من قدرة هي ذات حدود.. .بينما العلم شاسع لا حدود له.. ولا ينفذ الإنسان لأقطار السموات، والأرض، إلا بسلطان العلم.. كما قال الله سبحانه وتعالى لك في محكم القرآن.. كتاب النور والهدى.. فهل بلغت شأو جميع علماء الفلك، والفيزياء، والجيولوجيا، والكيمياء، والرياضيات، والطب، والأحياء على اختلافها وغيرها من العلوم كاللغة، والبلاغة, والنحو, وسواها..؟ إنك، وإن حملت أعلى الدرجات، والإجازات العلمية، فلسوف تبقى محكوراً في جزيئة من جزيئات العلم ..، الذي قدَّره الله محدوداً في خلقه.. فلا تغرنك الأوراق, ولا الأختام.. ولا المسميات، ولا الصفات ..، بل زن نفسك بما تعلم..، قبل أن يزنك الناس بما تجهل.. إيه بَنيَّ : تواضع بالعلم ..، ترقى عن الجهل.. )) (هذا المقال ورقة من مخطوطة كتاب بعنوان: «قطاف الأبجديات»..........). عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855