مدخل: الشعر وعاؤه الفكر,, والشاعر مفكر راقٍ,, يستمد من البيان سحره، ومن الواقع مادته، ومن الموهبة تأليف الاجزاء وفي الخيال يصطاد شوارد المعاني. فكل نص يحمل شاهده معه، اضافة الى حمله لبصمة الحقيقة التي يعرفها المتوسمون من اولي الالباب,, الذين يتعرفون على ملامحها بمجرد مصافحة المارد الخفي اي الروح الفنية المتغلغلة في ثنايا النص والتي عليها مدار مقالتنا هذه. فروح الشعر الحقيقي متوهجة، سلسلة، متناغمة تدرك ولا تلمس، ولا تخرج في عمقها وبساطتها عن فحوى الحقيقة التي تقول: ان اعمق الشعر,, أبسطه، حتى تصبح متصفة بأكبر المزايا الفاتنة والعلامات الفارقة وهي السهولة الممتنعة . ان الروح الحية في أي نص لا تخفى وهل تخفى الشمس لذي بصر وذلك عندما يكون انتقالها من احساس الشاعر الى جسد النص طبيعيا لا متكلفا,, وهذا من اهم شروط احتفاظها بصفاتها ومميزاتها,, فالنقل القسري المتكلف لها لاحلالها في جسد النص يجعلها شبحاً مشوها قد فقد احد صفاته او كلها من جراء معاناته من تدخل ادوات خارجية اتى بها الشاعر المضطر ظنا منه انها تساعده في نقل هذه الروح كاملة الى ارض الواقع النص بلا تشوه او فقد او خدش مما يترتب عليه حتمية وجود الالفاظ الزائدة عن المعنى التي تكون كالثوب الفضفاض الذي يشوه منظر صاحبه لزيادة بعض خيوطه عن تمام جسده حتى ولو كان اصل الجسد في الحقيقة جميلا,, فدائما وابدا يجب علينا ان ندرك اننا لن نجد روحا في حشو الالفاظ لان الروح اكرم واسمى من ان تسكن في ألفاظ أتى بها من يجيد فن القص واللزق في غير مكانهما وما حشو الالفاظ الزائدة عن المعنى في الحقيقة الا دليل على حالات الضعف والخطأ والتكلف وعدم النضج. وكثيرا ما تفسد الاصباغ الملونة التي يحتم النقل القسري للمارد الروح وجودها على جسد النص,, كثيرا ما تفسد علينا هذه الاصباغ متعة النظر الفني بمعانيه المختلفة لان هذه الاصباغ تفسد ماء الشعر النقي الرقراق وتفقده نضارته وتكون شاهدة لكل ذي بصيرة على حقيقة موهبة صاحبه الشعرية وعلى قيمته الفكرية.