سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأنظمة والقرارات الجديدة تُسكِّن فورة التضخم العقاري المستمرة منذ 2008م انخفاض عدد الصفقات ب«التجاري» يكشف بدء تركز السوق بيد كبار التجار وفي الصفقات الكبيرة
من الجوانب المثيرة للجدل اقتصادياً حالياً الوضع السوقي للقطاع العقاري.. فالبعض يتحدث عن حالة ركود ملموسة في الطلب على منتجات العقار السكني أو التجاري كافة.. في حين يرى البعض الآخر أن هناك حالة من الانتعاش السوقي، بل إن التقارير الرسمية المنشورة تشير إلى استمرار حالة التضخم في مؤشرات إيجارات المساكن بالمملكة؛ فكيف يكون هناك تضخم ويتحدث البعض عن ركود؟ وهل يعقل أن تصيب بعض منتجات العقار حالة تضخم، ويصيب بعضها الآخر ركود؟ ولماذا الإيجار مستمر في تضخمه حتى الآن رغم زيادة حجم المعروض العقاري بالسوق نسبياً؟ سوف نعتمد فيما يأتي على تحليل مؤشرات السوق العقاري لمدينة الرياض الصادرة عن وزارة العدل السعودية؛ حيث إنها تمثل البيان الرسمي لحركة تداولات العقار بشكليه الأساسيين، وهما السكني والتجاري.. تحت اعتبار أن العقار بالرياض يعطي صورة جيدة عن السوق العقاري بالمملكة. المؤشر العقاري العام سوف نعتمد هنا على مقارنة المؤشرات العقارية العامة لمدينة الرياض بوجه عام في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام 1434ه، ومقارنتها بالفترة المثيلة من العام السابق 1433ه.. ويوضح الجدول (1) أن إجمالي قيمة العقار خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام قد وصلت إلى 42.1 مليار ريال، مقارنة بقيمة 38.9 مليار ريال للفترة نفسها من العام السابق.. بمعدل زيادة يصل إلى 8.1 %، بشكل يوضح حدوث نوع من الانتعاش في المؤشر العقاري العام خلال هذا العام.. إلا أنه رغم هذه الزيادة فإن عدد الصفقات قد تراجع بنسبة 12.4 %، بشكل يدلل على أن متوسط قيمة الصفقات قد ارتفع بنسبة وصلت إلى 23.4 %. أيضاً فإن حجم المساحات المبيعة والمشتراة في الصفقة الواحدة قد ارتفع بنسبة 36.1 % في هذا العام عن العام السابق. ورغم كل هذه الارتفاعات والتحسن في قيمة ومساحات الصفقات المنفذة إلا أن متوسط سعر المتر المربع المنفذ قد تراجع هذا العام من 448 ريالاً في العام السابق إلى 406 ريالات للمتر الواحد هذا العام، أي تراجع بنسبة 9.3 %.. ومن المهم هنا معرفة ماهية المنتجات العقارية (التجارية أم السكنية) المسؤولة عن هذا التراجع؟ فارتفاع قيمة الصفقات مع تراجع سعر المتر المبيع يدلل بالفعل على أن هناك بوادر ركود في السوق العقاري. المؤشر العقاري التجاري يمثل العقار التجاري نسبة مهمة من سوق القطاع محلياً، بنسبة مساهمة تصل إلى نحو 49.6 %، أي ما يعادل نصف السوق تقريباً.. وقد حقق سوق العقار التجاري بالمملكة خلال الأشهر الأربعة المنتهية من هذا العام ارتفاعاً بنسبة 5.4 % من حيث قيمة الصفقات المنفذة، بإجمالي يصل إلى 2.9 مليار ريال.. إلا أن عدد الصفقات أيضاً تراجع بنسبة 2.8 % بشكل مشابه لإجمالي السوق العقاري. أما متوسط قيمة الصفقة الواحدة فقد ارتفع بنسبة 8.5 %، من مستوى 5.3 مليون ريال في العام السابق إلى 5.7 مليون ريال هذا العام.. كذلك الحال متوسط المساحة بالصفقة الواحدة ارتفع بنسبة 5.6 %. أيضاً سجل متوسط سعر المتر المبيع بالسوق العقاري التجاري ارتفاعاً بنسبة 2.8 % هذا العام عن الفترة المثيلة في العام السابق. أي أن مؤشرات العقار التجاري سجلت تحسناً ملحوظاً هذا العام عن الفترة المثيلة بالعام السابق بالرياض، باستثناء مؤشر وحيد سجل تراجعاً، وهو انخفاض عدد الصفقات، بما يدل على خروج عدد من صغار البائعين والمشترين من السوق، وبدء تركزه في كبار التجار وفي الصفقات الكبيرة. المؤشر العقاري السكني توصلنا عاليه إلى أن المؤشر العقاري العام قد تحسن على مستوى مؤشراته الرئيسية، ولكن حدث تراجع في سعر المتر المبيع، أما بالنسبة للمؤشر العقاري التجاري فقد لوحظ تحسن مؤشراته الرئيسية، بما فيها ارتفاع سعر المتر المبيع تجارياً.. إذن فمن المؤكد أن القطاع السكني هو المسؤول عن تراجع سعر المتر المبيع بالسوق العقاري بالرياض.. ومن المؤكد أن تراجعه كان قوياً بدليل أنه امتص تداعيات تحسن القطاع العقاري التجاري. ويوضح الجدول (3) أن مؤشرات القطاع العقاري السكني بالرياض قد تحسنت على مستوى قيمة الصفقات إجمالاً؛ حيث ارتفعت بنسبة 10.9 % هذا العام، إلا أن عدد الصفقات تراجع بنسبة ملحوظة بلغت 14.4 %، وهي نسبة ليست صغيرة. وارتفاع قيم الصفقات وتراجع عددها يوضحان أن النشاط العقاري ازداد، ولكن حركة التداول تراجعت نسبياً. أيضاً ارتفع إجمالي المساحات المنفذة بنسبة 38.1 %، وتحسنت قيمة الصفقة الواحدة بنسبة 29.6 %، وازداد متوسط المساحة المبيعة في الصفقة الواحدة بنسبة 61.3 %.. إلا أنه مع ذلك فقد حدث تراجع كبير وواضح في متوسط سعر المتر المبيع أو المنفذ في القطاع السكني بالرياض بنسبة وصلت إلى 19.7 %، وهي نسبة كبيرة ومهمة، وتدلل على بدء حدوث تراجع في السوق العقاري. ملامح لسكون العقار من الواضح أن البائعين بدؤوا يقبلون البيع بمثل هذا السعر المتدني (376 ريالاً للمتر)، بعد أن كان متوسطه لا يقل عن (468) خلال الفترة نفسها من العام السابق 1433ه. في اعتقادي أن القطاع العقاري بدأ بالفعل يسجل تراجعاً، وربما في طريقه للركود. وقد تكون القرارات والأنظمة الأخيرة الصادرة وذات الصلة بالعقار قد لعبت دوراً مهماً في تسكين فورته المستمر منذ 2008م. فالقرارات المتعلقة بصندوق التنمية العقارية، وبدء ضخه قروضاً بمعدلات عالية للمواطنين، وأيضاً ضخ أنظمة الرهن العقاري، قد تكون بدأت بالفعل تُسكن التضخم المستمر بالعقار منذ سنوات. رغم ما تشير إليه المؤشرات عاليه، فإن مؤشرات الرقم القياسي لتكلفة المعيشة على مستوى المملكة لا تزال تظهر استمراراً في ارتفاع مؤشرات التكلفة المعيشية لإيجارات المساكن؛ حيث لا تزال إيجارات المساكن تأتي على رأس قيمة الأقسام التي تحقق أعلى ارتفاع حتى فبراير 2013م؛ حيث سجّلت ارتفاعاً بنسبة 2.9 % مقارنة بفبراير 2012م.. إلا أن هناك شيئاً مهماً، هو أن مؤشر تكلفة المعيشة لإيجارات المساكن بدأ يسجّل تراجعاً في فبراير 2013م مقارنة بمستواه في يناير من العام نفسه بنسبة 0.1 %. ورغم أن النسبة ضئيلة إلا أنها تُظهر بدء حالة ركود لقطاع إيجارات المساكن أيضاً على مستوى المملكة كلها. مستشار اقتصادي [email protected]