إنّ للبحار والمحيطات أهمية بالغة في حياة البشر؛ حيث تتركز أعلى كثافة بشرية على سواحل البحار والمحيطات، وتعتبر المدن الساحلية هي أعرق مدن العالم حضارة وأكثرها مدنية، إليها تهوي الأنفس، وفيها تسر الأعين. والحياة كما خلقها الله تنتظم وتعمل من خلال نظم بيئية متنوعة منتجة وداعمة للحياة، تتوزع على البحار والمحيطات واليابسة، ويضم كل نظام بيئي مجتمعات متجانسة متآلفة من مختلف أنواع الكائنات الحية التي تعمل في تناغم وتوازن كامل، لتدور عجلة الحياة، وتستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وتغطي المسطحات المائية قرابة 75 % من مساحة الكرة الأرضية، ونصف سكان العالم يعيشون في بيئات ساحلية بحرية؛ ما يؤدي إلى ضغوط كبيرة نظراً للاستخدام المفرط للمصادر البحرية. ومعظم الذين يعيشون على اليابسة لا يتوافر لديهم الوعي الكافي للمحافظة عليها، ومن هذا المنطلق النبيل نشأت مؤسسة الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في البحار والمحيطات، التي تقوم بدور ريادي في المساهمة في التثقيف البيئي لعلوم البحار وما تتضمنه البيئة البحرية من ثروات وموارد طبيعية، التي هي في حقيقتها كنوز خلقها الله ليستثمرها الإنسان استثماراً مستداماً. وتقوم هذه المؤسسة الناشئة بجهود كبيرة ومتنوعة، منها: * إقامتها برنامجاً للبعثات الاستكشافية ودراسة الشعاب المرجانية في مختلف المحيطات التي تتعرض 58 % منها للتهديد والتدهور. * الأطلس البحري للمَوَاطن الطبيعية في البحر الأحمر يُعتبر أول عمل علمي وفريد من نوعه يعد عن المملكة. * برنامج «علم بلا حدود»، وهو مبادرة تم تسجيلها في كثير من دول العالم، بما في ذلك المملكة، لتوفير العلوم المطلوبة للتعرف على البيئات، وبالأخص البحرية، وتقديم الحلول اللازمة للمشاكل التي تنتابها. * الجمعية السعودية لعلوم البحار، وتهدف إلى تحقيق مبدأ الشراكة والتكامل بين القطاع العام والمجتمع المدني في حل القضايا المتعلقة بتلوث البحار والاستغلال المستدام لموارده الطبيعية وتنمية الفكر العلمي في مجال علوم البحار بتخصصاته المختلفة، والعمل على تطويره وتنشيطه ونشره وتعزيز الجهود المبذولة لاستكشاف الثروات البحرية الحية وغير الحية، وتوفير المعلومات الضرورية لاستغلالها، والتعامل مع مشاكل البيئة البحرية وما يحدث فيها من أمور كالتلوث وحماية البيئة البحرية. كما تهدف الجمعية إلى بناء أسس الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية. وقد منحت مؤسسة المحيطات الحية، ومقرها لاندوفر بولاية ماريلاند الأمريكية، صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات جائزة بيرسيوس لعام 2012م لجهوده وإسهامه في الحفاظ على الحياة البحرية. وامتداداً لتلك الخدمات الإنسانية التي يقدمها سموه الكريم تم إنشاء كرسي علمي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة باسم «كرسي الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على البيئة البحرية الساحلية»، الذي من أهدافه الوقوف على الوضع الراهن للبيئة البحرية الساحلية، والتقييم النوعي والكمي للأخطار البيئية التي تهدد البيئة البحرية الساحلية، والتوصل إلى أنسب السبل التي من شأنها تحقيق مفهوم التنمية المستدامة للمنطقة الساحلية واقتراح الطرق الفاعلة لإعادة تأهيل البيئة البحرية الساحلية واستعادة مقوماتها الطبيعية، وإطلاق حملة مستمرة للتوعية بأهمية المحافظة على البيئة البحرية الساحلية وإنمائها. قال تعالى: {اللَّه الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِي الْفُلْكُ فِيه بِأَمْرِه وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِه وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الجاثية12.