في مصادفة غريبة، كتبت يوم الاثنين الماضي مقالا بعنوان «حرب شهادات الوهم»، تحدثت فيه عن الشهادات الوهمية العليا، التي انتشرت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وشكرت الإخوة الذين شاركوا بفعالية في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة، سواء بشكل رسمي، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وبالذات تويتر، الذي أصبح وسم «هلكوني»، الخاص بمحاربة الشهادات الوهمية هو أشهر وسم فيه على الإطلاق، وذلك لأن الأمر يتعلق بتزوير العلم، خصوصاً أن معظم هؤلاء المزورين هم ممن نحسن الظن بهم، كما ناشدت هيئة مكافحة الفساد بالتدخل، لأن هذا يعتبر من أخطر أنواع الفساد، وتمنيت في ختام المقال أن يتم إقرار مشروع نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا في أروقة مجلس الشورى، فماذا حدث؟! في ذات اليوم الذي تم فيه نشر المقال، نشرت وسائل الإعلام أن مجلس الشورى استمع إلى وجهة نظر لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي بشأن المشروع الخاص بتوثيق ومعادلة الشهادات العليا، والمقدم من عضو المجلس الدكتور موافق الرويلي، الذي تقدم بهذا المشروع بناءً على المادة 23 من نظام المجلس، كما أكدت الأخبار أن المجلس قد وافق على المشروع، الذي يتكون من تسع عشرة مادة، وذلك بأغلبية ساحقة، وكان لهذه الأخبار وقع جميل في نفوس الجميع، إذ إن خطورة تزوير العلم، خصوصاً الشهادات العليا لا تخفى على ذي لب، فما هو الهدف الرئيسي لهذا المشروع؟! حسب ما تم تداوله، فإن المشروع يهدف إلى: «تطوير آلية معادلة الشهادات العليا للحاصلين عليها من جامعات غير سعودية، لكافة الراغبين في الاستفادة من شهاداتهم والألقاب المرتبطة بها معنوياً أو مهنياً أو وظيفياً في القطاعين العام والخاص للسعوديين وغير السعوديين لمكافحة الشهادات المزورة والقضاء على الشهادات الوهمية والواهنة، وتوثيق الشهادات للاستفادة منها لأغراض التوظيف والممارسة المهنية، والتصدي للجهات المشبوهة التي تقوم بترويج الشهادات الوهمية والمزورة وحماية الأفراد والمجتمع من هذه الجهات»، كما اقترح المشروع إنشاء مركز وطني تحت مسمى: «المركز الوطني لمعادلة وتوثيق الشهادات العليا»، على أن يكون مركزا ذا شخصية اعتبارية، ويتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية، ويرتبط بوزير التعليم العالي مباشرة، فما هي الاختصاصات المقترحة لهذا المركز؟ حسب ما تم تداوله فإن أهم اختصاصات المركز هي: «التأكد من صحة وموثوقية الشهادات العليا التي تم الحصول عليها من خارج المملكة للاستفادة منها داخل المملكة، ومعادلة الشهادات في جميع التخصصات العليا للحاصلين عليها من خارج المملكة بما يتفق والمعايير العالمية والأكاديمية والتنظيمية التي يعتمدها مجلس إدارة المركز، كما يعمل المركز على كشف الجهات التي تمنح الشهادات الوهمية والتحذير منها ومنعها من ممارسة نشاطها داخل المملكة»، وكان من أهم مواد المشروع ما يتعلق بأساتذة الجامعات، الذين تورط بعضهم فيما مضى -بقصد أو بدونه- في الإشراف على الشهادات المزورة، إذ ينص نظام المركز على تحذير هؤلاء الأساتذة من التعاون مع الجهات المشبوهة، وأخيراً نص نظام المركز المقترح على أهمية التعاون مع الجهات المانحة لتراخيص العمل، حتى يتسنى استبعاد أصحاب الشهادات المزورة، وأخيراً، نتقدم بالشكر لكل من ساند هذا المشروع منذ بدايته، ونتمنى أن يكون إقراره هو البداية للقضاء على ظاهرة شراء الشهادات، التي أزكمت الأنوف خلال السنوات القليلة الماضية. [email protected] تويتر @alfarraj2