«بالمقارنة مع العروض الأخرى التي حصلت عليها، استحوذ هذا المنصب على قلبي ومخيلتي بطريقة مختلفة تماماً». كانت هذه الإجابة التي أعطاها أحد الأشخاص الذين تخرّجوا مؤخراً من «كلية هارفارد للأعمال»، عندما سؤاله عن سبب قراره بالمشاركة في «برنامج الزملاء في مجال القيادة» الذي تنظّمه الكلية – وهو عبارة منحة زمالة لمدّة سنة في مجال الإدارة، داخل المؤسسات غير المتوخية للربح، وتلك العاملة في القطاع العام. ويشكل «برنامج الزملاء في مجال القيادة» جزءاً من محفظة برامج دعم مهني تطوّرت على امتداد العقدين الماضيين، ضمن مبادرة «إتش بي أس» للمؤسسات الاجتماعية. وتُظهر الإحصاءات الكامنة خلف هذه البرامج أن كليات الدراسات العليا وغيرها من المؤسسات المتخصصة في مجال الدراسات المتوسطة قد تصنع فرقاً كبيراً، ليس فقط على صعيد استقطاب المواهب الحاصلة على الماجستير في إدارة الأعمال، ليحتلوا مناصب في القطاع الاجتماعي، ولكن أيضاً لدعم المسيرات المهنية الطويلة الأمد التي تركّز على التغيّر الاجتماعي. لقد لاحظنا أن عدداً كبيراً من الطلاب الراغبين في الحصول على شهادة ماجستير إدارة الأعمال مهتمون بإيجاد طرق لاستغلال مهاراتهم في قطاع الأعمال، ب غية التأثير في التغيّر الاجتماعي. ولكنهم يواجهون عقبات فعليّة أثناء قيامهم بذلك، وذلك بسبب احتلالهم مناصب لا تدعم فعلياً مجموعة المهارات التي اكتسبوها في ماجستير إدارة الأعمال، وبسبب مسيرات مهنية تفتقر إلى الاستثمار في التطور المهني، وبسبب سلوكهم دروباً تتطلب ملازَمة لحالة الفقر. وبالتالي، ما الذي يتطلبه تخطي هذه العقبات؟ ثمة ثلاثة أمور يمكن أن تقوم بها المؤسسات الأكاديمية وتلك العاملة في القطاع الاجتماعي: 1. توفير انكشاف أولي من أجل استقطاب الطلاب: بفضل فرص تعلّم ميدانية تُمنَح للطلاب، ستتمكّن المؤسسات الأكاديمية من توسيع آفاق الشبّان وتحويل المسارات الأكاديمية والمهنية. 2. إنشاء تجارب صلبة: من الضروري أن تعمل المؤسسات على تصميم مناصب تخوّل الطلاّب تطبيق المهارات التي اكتسبوها في ماجستير إدارة الأعمال، من أجل تحقيق المهمة الأوسع نطاقاً للمجموعة. ويتطلب القيام بذلك دراسة دقيقة لما يلي: طبيعة المشروع المعروض، ومستوى النفاذ إلى القيادة العليا ضمن المؤسسة وخلف حدودها، والطرق التي قد تستعملها المؤسسة لدعم الأهداف التطويرية لعملية التوظيف. 3. الاستثمار في تطوير القيادة: للمؤسسات الأكاديمية ومؤسسات التوظيف دور تؤديه في تطوير الأشخاص الموهوبين الذين حصلوا على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال، مع العلم بأن البرامج على غرار «برنامج الزملاء في مجال القيادة» من تنظيم «إتش بي أس» ليس سوى مثالاً داخل مجال يشهد اتّساعاً. ويشير الطلاب إلى أن المشاركة في هذا النوع من برامج الدعم المنظَّمة غالباً ما تساعدهم في مناصب لاحقة – بدءاً باحتراف مهارات قابلة للنقل إلى الآخرين، ومروراً ببناء شبكة تدعم مسيرتهم المهنية مستقبلاً. وإن كنا نأمل بإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية المعقّدة التي نواجهها، من مصلحتنا مواصلة إشراك ماجستير إدارة الأعمال في المعادلة. - (لورا مون مديرة مبادرة المؤسسات الاجتماعية في «كلية هارفارد للأعمال»، التي تطبق ممارسات أعمال مبتكرة وتعتمد على الانضباط الإداري في سياق مسيرتها الهادفة إلى إحداث تغيّر اجتماعي. أما مارغو دوشين، فتدير برامج وتترأس مبادرات دعم مهني لحاملي شهادات ماجستير في إدارة الأعمال في «أس إي أي»).