ودعنا الأمير المحبوب، رمز المحبة والسماحة والتواضع والجود والعطف الإِنساني المتدفق. ودعنا رجلاً سمح المحيا، باسم الوجه، كريم الاستقبال. حان التوديع أنيس المجلس. ودعنا الأمير سطام بن عبد العزيز. من نعم الله عليه أن الكل يدعو له بالمغفرة والقبول والعتق من النيران وأن يتقبله مع الصديقين والشهداء والصالحين. هذا الإجماع على محبته -رحمه الله - وعلى الإحساس العظيم بفقده مؤشر -إن شاء الله - على محبة الله ورضاه عنه. كما يقال الناس شهود الله في أرضه. لا شك أن أعظم من سيحس بفقد سموه افراد عائلته الكرام. لكن ما تركه -رحمه الله- من أثر في نفوس جميع من تعامل مع سموه الكريم يجعل كل أولئك يحسون بفقده. محبة سموه وكرم استقباله وطيب مجلسه تجعلك تتحرى المناسبات التي تتيح لك زيارة سموه الكريم كمناسبات الأعياد أو عودته من إجازة أو سفر، وتجد في نفسك باعثاً قوياً وشوقاً إلى ذلك الوجه الباسم. ومن ثم فإنَّ انقطاع سبب تلك الزيارات يبعث في النفس أسىً وحزناً لا بد أن يمضي وقت طويل قبل أن يضعف ذلك الباعث. من نعم الله على كاتب هذه السطور أنني تعاملت مع سموه الكريم عندما كنت مسؤولاً في جامعة الملك سعود. وقد كان المعين والملجأ بعد الله وحسب توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض في كل مشكلة تعترض الجانب التشغيلي في الجامعة خاصة مشكلة توفر المياه. وقد أذن -رحمه الله- بأن يكون خط الهاتف موصولاً مع سموه الكريم ليلاً ونهاراً. وكانت عنده مفاتيح مغالق الأمور عندما تنغلق الأبواب ولا يبقى إلا أمر سموه فنجد التجاوب والأمر القاطع على كل ذي علاقة بأن يوفر للجامعة ما يضمن سير العمل فيها دون إرباك أو مشقة. وكان -رحمه الله -حامياً ومدافعاً عن الجامعة وإداراتها تقديراً من سموه الكريم للدور الذي تمثّله في المجتمع فكان لا يسمح لأحد بأن يتطاول عليها أو يتجاوز حدود اللياقة في المطالبة بما يطلبه منها. ففي حضوره لإحدى حفلات التخرج نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان تطاول أحد أولياء الأمور على إحدى وحدات الجامعة بسبب خلل في العمل ظناً أنه فوت عليه مصلحة معنوية فألزمه -رحمه الله- بأن يكف حالاً عن ذلك التطاول وأن يقدم له شكواه غداً في قصر الحكم في مكتب سموه. ففهم الرسالة ذلك المتطول وخبأ صوته. عندما زرته العام الماضي راجياً من سموه الكريم تشريف حفل تخرج طلاب الماجستير في كليات الشرق العربي لم يتردد -رحمه الله- لحظة واحدة في قبول رجائي، بل شرح على خطاب أحمله لمراسم الإمارة بالموافقة. وكان لتشريف سموه الكريم الأثر العظيم في نفوس الطلاب المتخرجين وفي نفوس جميع منسوبي كليات الشرق العربي للدراسات العليا. رحم الله سطام بن عبد العزيز رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ورفع مقامه مع الصديقين والشهداء والصالحين. وجزاه خيراً عن كل عمل خيرِّ وعن كل موقف إِنساني نبيل. إنا على فراقك يا سطام لمحزنون. ولكن ما نقول إلا ما يرضي الله سبحانه: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. عبدالله بن محمد الفيصل - كليات الشرق العربي للدراسات العليا