هناك قناعة كبيرة لدى قطاع الأعمال بأن العامل السعودي غير جادٍ ومتدنّي الإنتاجيَّة ويسهم ضعف مستوى أجور العمالة السعوديَّة في القطاع الخاص في تعميق هذا التصور فهو لا يوجد أيّ حافز لدى العمالة السعوديَّة لبذل جهد أكبر يغيّر هذه الصورة النَّمطية. لكن الأخطر أن البرامج التي تبنَّتها وزارة العمل للتخفيف من حدة تأثير تعطل العمالة الموطنة، برنامج حافز، أو لزيادة نسبة السَعْوَدَة في القطاع الخاص، برنامج نطاقات، تسهم بِشَكلٍّ فاعل في تأكيد هذه الصورة النَّمطية بل وتجعلها واقعًا لا جدال فيه. والعديد ممَّن كانوا يعملون في القطاع الخاص برواتب متدنية وجدوا أن من الأجدى لهم الاستقالة والحصول على إعانة حافز، أيّ أن البرنامج أسهم في زيادة عدد العاطلين بتحويله من كانوا يعملون فعلاً ولا يعانون من البطالة إلى عناصر غير منتجة ترضى بالحد الأدنى من الدخل طالما أنّه يتحقَّق لهم دون أيّ جهد يذكر. ومكافأة وحدات القطاع الخاص بمزيد من التأشيرات لقاء توظيف السعوديين بموجب برنامج نطاقات دفع مؤسسات القطاع الخاص إلى اللجوء إلى السَعْوَدَة الوهمية المتمثلة بتسجيل ما يكفي من السعوديين في نظام التأمينات الاجتماعيَّة للوصول إلى النِّطاق الأخضر، وهم في معظم الأحيان لا يعملون فعلاً لدى صاحب العمل وهو ليس في حاجة حقيقية لخدماتهم ويكتفي فقط بتحمل تكلفة تسجيلهم في نظام التأمينات ودفع مبلغ شهري لهم، ما تسبب في تحوّل عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من السعوديين إلى عناصر متوقفة عن الإنتاج تكتفي بمبلغ زهيد يدفع لهم شهريًّا ويقطع كل فرصة أمامهم للحصول على عمل حقيقي يزيد من مهاراتهم ويفتح لهم آفاقًا أوسع مستقبلاً وزاد من اعتماد وحدات القطاع الخاص على العمالة الأجنبية ونما الاستقدام بِشَكلٍّ هائلٍ في وقت يعلن فيه بأن نطاقات أسهم في توظيف مئات الآلاف من السعوديين. وزارة العمل أمام هذه الحقائق وجدت أن الحلَّ في رفع تكلفة السَعْوَدَة الوهمية من خلال اشتراط ألا يقل أجر المُوظَّف عن 3000 ريال لكي يحتسب بواقع عامل واحد ضمن برنامج نطاقات، باعتبار أن صاحب العمل كان يدفع عن كل عامل يسجله وهميًا في نظام التأمينات الاجتماعيَّة مبلغ 300 ريال شهريًّا عندما كان مسجلاً بأجر 1500 ريال فقط، لكنَّه سيُضْطر الآن لأن يسدِّد 600 ريال شهريًّا عندما يرفع أجره المسجل بنظام التأمينات إلى 3000 ريال. كما أن معاناة نظام التأمينات الاجتماعيَّة من تأثيرات السَعْوَدَة الوهمية وتدنِّي متوسِّط الاشتراكات بسبب نطاقات ستصبح أقل حدَّة مع اضطرار مؤسسات القطاع الخاص إلى رفع أجور من وظفتهم وهميًا من 1500 ريال إلى 3000 ريال. أما مشروع السَعْوَدَة الحقيقية فقد أصيب بانتكاسة خطيرة بسبب هذه المبادرات، فلكي تنجح السَعْوَدَة فإنا نحتاج إلى إيجاد بيئة تشجَّع العمالة المواطنة على أن تصبح أكثر إنتاجيَّة وامتلاكًا لأخلاقيات عمل تشجَّع على توظيفهم، وهو أمر متعثر عندما تكون مبادراتنا تحقَّق عكس ذلك فتزداد قناعة القطاع الخاص باستحالة اعتماده على العمالة المواطنة والاكتفاء بدفع مبلغ زهيد لهم لقاء إبقائهم على ملاكه في نظام التأمينات الاجتماعيَّة ما يمكنه من مزيد من الاستقدام فتضيق فرص العمل الحقيقية أمامهم. [email protected] أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam