يبدو أن رحلة الشعوب العربية إلى الحرية والديمقراطية طويلة جداً، لا كما تصورها كثيرون مع بدايات عام 2011، أو ما اصطلح على تسميته بعام الثورات، فالصورة تبدو هذه الأيام قاتمة وضبابية ومخيفة، فلا زالت الأنظمة تتصارع مع الثائرين في هذا العالم العربي المنكوب، وهناك اشتعال لا تخطئه العين للصراعات الطائفية، وهناك منظمات، وأحزاب، وقوى تسعى في خضم كل هذه الفوضى لمصالحها الخاصة، وليس بالضرورة أن يكون الوطن والمواطن من ضمن هذه المصالح!، كما أن أعداء الغرب بالأمس، كما هو تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، أصبحوا أصدقاء اليوم، فقد تغيرت الموازين، وتحول كيل التهم لهم في الإعلام الغربي الحر إلى دفاع مستميت، وماذا بعد في هذه المسيرة الضبابية؟!. من كان يصدق أنه سيرى الشيخ الإخواني راشد الغنوشي في حفل تكريم بواشنطن، وعصام العريان يستقبل استقبال الساسة هناك أيضا، ومقالات وتقارير إيجابية تكتب في كبريات الصحف الغربية عن زعماء وقادة الإخوان، تكتبها ذات الأقلام التي كانت تربطهم بالإرهاب قبل أقل من بضع سنوات، وهذا ما تنشره وسائل الإعلام، ناهيك عما لا ينشر من اجتماعات في الغرف المغلقة وخلافها، ويبدو أن هذه الثورات أيقضت أحلام الأقليات الطامحة للحرية، وربما لا يمانع الحكام الجدد، ومن وراءهم في ذلك، طالما أن هذا سيخدم كل الأطراف في نهاية المطاف!، وهناك بوادر وتطورات لا تخفى على كل من يتابع هذا المشهد. السلفيون في مصر، وهم الذين لم يكونوا على وفاق مع تنظيم الإخوان، استهوتهم لعبة السلطة، ولم يريدوا أن يضيعوا هذه الفرصة التاريخية للمشاركة في كعكتها، فتحالفوا مع الإخوان، وساروا بعيدا في هذا التحالف، لدرجة أنهم أصبحوا هم اللسان الذي ينهش، واليد التي تبطش، وفات عليهم أن تنظيم الإخوان العالمي كان يستخدمهم وقتيا، وليس مستعدا لأن يشاركه أي أحد في هذه الكعكة التي طبخت على نار هادئة في مطابخ واشنطن منذ عام 2005، ويبدو أن السلفيين استيقظوا مؤخراً على هذه الحقيقة المؤلمة، ولكنها صحوة متأخرة، لن تنجيهم من أن يكونوا أداة يستخدمها الإخوان متى ما كان هناك حاجة لذلك، فسذاجة السلفيين السياسية هي جزء اصيل لا ينفك عنهم، وأخيرا هناك إيران، والتي بات واضحاً أن تنظيم الإخوان المسلمين في مصر يستخدمها وتستخدمه، فالتنظيم يعلم أن قربه من طهران قد يفتح له خزائن دول الجوار!، وحكومة الملالي تستميت في تحقيق حلمها الأزلي في جذب أرض الكنانة إلى أبعد حد ممكن عن محيطها العربي، ويبدو في خضم كل ذلك أن الرحلة إلى الديمقراطية المنشودة ستكون طويلة وشاقة، خصوصاً في ظل انعدام الوعي، والذي يعتبر شرط ضرورة لنجاح أي تجربة ديمقراطية. [email protected] تويتر @alfarraj2