ولعل «المطب» قد نزل مصطلحاً في ألسنتنا مذ تهورَ السائقون، بمثل ما يتهور المعطِّلون لأي حركة تطوير، أو نزوع لتغيير مراده النجاح.., منبعثاً من طبيعة الحياة، وهمة الأحياء.. ومع أن «المطب» يعيق سرعة العربة, ويكبح جماح المتهور.., فيقي الناس شرور الحوادث, إلا أن هذا المصطلح حين نسم به الإنسانَ، فلأنه هذا الإنسان المطب يعرقل, ويعيق ما يحدث في محيطه من التغييرات, والتطورات، والحركة نحو أمر ما لعله أن يفيد البشر، فيكون لهم هذا الإنسان المطب كالحجر..! لذا فإن الإنسان المطب نجده كل يوم: كاتباً يسخط على أفكار غيره، ينقد الناس ومشاريعهم وأفكارهم.., ومعلماً لا يواكب خبراته بمستجدات متوالية, متتالية، متنامية في مجال التعليم، والتدريس, والتخطيط، والتنمية، والخبرات..وهو أي فرد يقف حيث انتهى.. وصاحب رأس مال يخشى أن ينسرب من بين يديه ماله فلا يوظّفه في خدمة المجتمع، ولا يفيد به في مشاريع البلد، ولا يتفكر في مآله يوم يذهب خلواً منه.. وهو أيضاً زميل عمل، أو نظير اختصاص، أو قرين مسؤولية، يحسد غيره على ما يؤتوه من رزق، أو منصب, أو علم، أو نجاح، أو.. أو.. وهو جارٌ ينغّص حياة جيرانه بصخب، وبأبخرة دخون، وشواء، أوانقضاض على مساحات أمام بيوتهم يستعرض فيها عرباته الملونة بماركاتها المختلفة.. لا يشاركهم أفراحهم ولا يدري عن أتراحهم.. هو أيضاً كل مسؤول يتقاعس عن مهمته، وواجبه.. الإنسان المطب يلوذ بعوقه في كل مكان،.. هو طبيب لا يجده مريضه إلا حين يستجيب جيب هذا المريض لتكاليفه.., أو مصالحه..! وهو رجل أمن يمر بمواقع دورته دون أن يتنبه لحاجة الناس فيها,.. وهو محام يعطّل، ويماطل في قضايا الناس.., وهو مراءٍ لا ينطق بحق حين موقف.., وهو أناني يستحوذ على ما يستطيع في مجاله.., ويميل بكفة الميزان فيه وفق اختياراته.., وقراراته.., بدءاً بالبيت تجده بين أفراده.., ومروراً بكل دائرة عمل..، الإنسان المطب هو كل فكر لا يستنير بإيمان، وخلق.., وهو كل من يرمي بحجرة في مجرى عذب, وهو أيضاً هذا الإنسان المطب الذي يعطِّل دورة الحياة بين أبنائه، وأهله حين يشغل عنهم، ولا يملك لهم إلا الأوامر، والنواهي، فيكون مطباً دون تطورهم, وسعادتهم، وجميل خبراتهم، ومفيد معارفهم، وسعة مكاسبهم.. وكل مطب إما أن يكبح عن شر، أو يدفع إليه.. فليت كل من يقف للنهر العذب، وللنسمة الندية، وللطير، وللروح، وللفكر، وللنجاح، وللتطوير، وللعطاء, وللوفاء, وللحق, مطباً مانعاً عن جريان الماء العذب، وانتشار الهواء النقي, وتحليق الأجنحة, وانطلاق الروح، وثمار النجاح، وسخاء البذل، وتبادل الخبرة، وثبات الحق.. أن يتعرض لشمس النهار، ليجدها تعلّمه معنى السيرورة، وموطن النور, والقدرة على تذويب كتلة المطبات في فكره، ونفسه، وخلقه. إن الحياة دروبها شاسعة، وهي تفتح للناس صهاريج الأمل في أن يكونوا فيها رسل نور، ويسر, وإضافة. الحياة دروبها كفيلة بالنتائج.. فهي خامة للتغيير والتطوير، وليست حجراً صلداً، ولا جبلاً راسياً..! تلك سنَّة الحياة في أرضه.. فما يقول فيها عن دوره الإنسان المطب..؟ عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855