اطلعت في العدد 14733 على خبر اختتام مهرجان ربيع بريدة 34 ، الذي أقيم خلال إجازة منتصف العام الدراسي لهذه السنة، وقد كنت من الذين ارتادوا ساحة هذا المهرجان في المنتزه البري لمنطقة القصيم، وكان لي بعض الملاحظات عليه، ولكن قبل ذلك أقول: إنّ الحاجة للترفيه وطلب التسلية من الأمور المفضية لإسعاد النفوس، وخلق جو من المرح الذي ينعكس على المجتمع بفوائد جمّة لعل من أبرزها الخروج من رتم الحياة المعتاد ومسح ما علّق في الذاكرة من هموم أعباء الحياة والعمل وغير ذلك. وعندما يتم طرح فعاليات مهتمة بهذا المضمون، فإنها ينبغي أن تكون مدروسة حتى لا يذهب الجهد المبذول والمال المصروف هباء بلا جدوى أو فائدة تنال من وراء ذلك. وفي إجازة الربيع التي مضت أقيمت عدة مهرجانات في بعض مناطق المملكة، منها ما نجاح بلا إثارة أو هالات إعلامية ومنها ما حاول منظموه استجداء النجاح عبر الدعاية الإعلامية المفرطة التي يكشف زيفها الواقع بكل جلاء. ولعل مهرجان ربيع بريدة 34 قد نحا منظموه بإفراط تجاه عامل الدعاية حتى أنني رأيت بالشواهد، أن أكثر من مدح هذا المهرجان وخلع عليه أوصاف النجاح والتميز لحد المبالغة، هو مدير المهرجان التنفيذي. ولا أعلم إن مسوقاً مدح بضاعته إلا خامرني الشك بعكس ذلك وأن ذلك محاولة التغطية على الإخفاق أو سد الطريق أمام محاولة نقد الواقع. عموماً هنا وحتى أقرن حجتي بالأدلة ولا أكون كمن يرمي الهنات جزافاً، فإن هذا المهرجان كان نسخة كربونية لما يسمّى بمهرجان الكليجا، فهو يعتمد على وضع محلات صغيرة يعرض فيها ما يعرض بالسوق من بعض البضائع التقليدية، فكل مساحة المهرجان وضعت بما يشبه الأكشاك التراثية بصفين متقابلين الأول تعرض فيه عمالة وافدة بضائع عبارة عن مكسرات وأدوات نظافة وألعاب أطفال وأطعمة محضرة في ساحة العرض معرّضة بحكم الموقع لكل أنواع التلوث. أما الصف المقابل فوضع للنساء البائعات للملابس والأطعمة. أما ما يقصد بالفعاليات الترفيهية فهي عبارة عن لعبة شعبية مكرورة ومستهلكة وهي لعبة (الدنانة) وفائدتها أنها كانت آلة لإثارة الغبار أمام المتسوقين. أما الأطفال فقد وضع لهم زحاليق بالونية برسوم نقدية مبالغ فيها، وما عدا ذلك خيمة للبيئة والتي تقام في السنة أكثر من مرة وهي تحتوي بداخلها محنطات متهالكة ومحل يبيع لوازم الرحلات البرية فيها. وفي الجو طائرة هليكوبتر تدور طيلة الوقت فوق ساحة السوق الذي يحتوي 95 بالمائة من ساحة المهرجان وهذه الطائرة باتت مصدر إزعاج لروّاد الساحة. وعلى ذلك فأستطيع أن أقول من وجهة نظري إن هذا المهرجان كان عادياً وليس كما تنقله الدعاية الإعلامية المهولة للواقع لمحاولة خلق عامل النجاح والتميز بدون إثراء حقيقي ينعكس على المرتادين. والخلاصة التي يمكن إيجازها عن هذا المهرجان: أولاً - إن المهرجان كان لمجرد التسويق فقط وتكريس عامل الشراء عند المرتادين. ثانياً يدعي منظمو المهرجان أن المهرجان يستقطب ويدعم الأسر المنتجة ولكنه في الجانب الآخر يناقض ذلك من خلال تواجد العمالة الوافدة التي تبيع فيه والتي تغمط المواطن بالشراء من خلال السعر والوزن، حتى أن بعضهم لا يوجد لديه ميزان لوزن ما يقوم ببيعه وإنما يضع ذلك وفق تقديره وبلا شك هو يُنقص ولا يزيد. وفي الختام فلكي تستطيع أن تصنع مهرجاناً يعكس الواقع الذي يعيشه الناس، لا بد أن تكون المعطيات متلائمة مع المناسبة، ففصل الربيع له رونقه الذي نستطيع أن نعكس ملامحه من خلال هذا المهرجان، لا فقط نستدر جيوب الناس من خلال فرض التسوق والشراء في مكان لا يجدون فيه غير ذلك، أو نكرس اهتمام الناس بالسيارات العتيقة او مغامراتها، دون أن يكون لذلك مردود إثرائي يكون له انعكاسه الترفيهي الحقيقي والسلوكي في نسيج المجتمع. إن البدائل لغير ذلك مما تم عرضه عديدة، وهناك من المبدعين الذين يستطيعون إثراء هذه المهرجانات بما يملكونه من مواهب وطاقات إدارية وفنية، لقادرة أن تتميز بهذه المهرجانات وتنتشلها من وضعها الروتيني الذي لا يستفيد منه سوى المنظمين له ومن يشاركونهم في تقاسم كعكة المكاسب المادية والدعائية والإعلامية، على حساب المواطن الذي يبحث عن الترفيه، وساعتها قد نفكر في الوصول للمهرجانات العالمية، هذه العالمية التي شقينا بها قبل أن ننجح محلياً كما ندندن على ذلك الآن. محمد سند الفهيدي - بريدة - تعليم القصيم