الشعوب التي تتجاوز الفن أو تهمشه لا تستطيع أن تبني حضارة عند هيامي بمعالم الإنترنت قرأت هذه المقولة فاستوقفتني إلى درجة أن ذهني علق به الكثير من علامات الاستفهام لأسئلة تبحث عن إجابات فتوغّلت ببحثي فتوسّع الأمر عن ما هي الحضارة؟ وما هي الثقافة؟ وكيف يكونان بغياب الفن والفنون؟ وهل الفن نتاج سليم لاكتمال البنية التحتية للحضارة والثقافة على حد سواء؟ وأيهما الأصل؟ وأيهما الفرع؟. وباختصار نعرض تعريف كل منهما في اللغة: الثقافة: ثقف الشيء ثقفا أي فهمه وحذقه وتعني تراث هذه الأمة الحضاري والفكري في جميع جوانبه النظرية والعملية التي تمتاز به الأمّة، و هذا التراث الذي يشكّل ثقافة الأمة متداخل و مترابط يشكّل إطاراً ومحيطاً يحكم الأفراد والأُسَرْ والمجتمع في كلّ أمة. والحضارة :الحضارة تقابل البداوة والحضارة هي حياة المُدن والبداوة هي حياة الصحراء وتعني التعبير عن ارتقاء المجتمع عن المستويات البدائية و يقصدون عادة بالمجتمع المتحضر المجتمع الذي له قيمه الروحية الرفيعة و أساليبه المادية المتطورة في مواجهة الحياة الطبيعية. بعد هذا التعريف السائد لمفهوم الحضارة والثقافة اختلف كثير من الباحثين عليهما ففريق يرى أن الحضارة هو كل ما تحتوي عليه الأمة من مقومات مادية وجغرافية ونظم سياسية وقوانين تشريعية واقتصادية ويؤكدون أنها الأصل للثقافة التي تنبثق عنها من منتجات فكرية وأدبية أو فنية سواء كان بالطراز المعماري أو بزي الملبس أو بالعادات والتقاليد والطقوس الدينية أما الفريق الآخر يرى أنهما شيء واحد فلا يمكن أن تفصل الرأس عن الجسد وأيضا العكس فالمفهوم اللغوي لتفنيد الحضارة والثقافة خاطئ فبالإمكان أن نقول حضارة تلك الثقافة أو ثقافة تلك الحضارة فكلاهما أصل ولا يوجد فرع بيد أن مفهوم الثقافة لدى العامة انحسر بين دفتي كتاب أو منتوج أدبي أو فني وهذا تقزيم للمعنى الشمولي للثقافة فهي أوسع وأشمل من شعاع الشمس. وأما عن المقولة التي استهللت بها مقالي هذا « الشعوب التي تتجاوز الفن أو تهمشه لا تستطيع أن تبني حضارة.» حيث يذهب بنا كاتب هذه المقولة الذي لا أعرفه بأن الفن هو ركيزة أو قاعدة تبنى عليها الحضارة وإذا تخلخلت أو نقصت فمن المؤكد أن البناء يؤول للسقوط وحين يكون البناء أي الثقافة سليم بقواعده ومنها الفنون يظهر شموخ الحضارة بين الأمم وتنحسر الاضطرابات والخلافات الفكرية وينكفئ الخوف وتتحرر روح الإبداع ليكون الطريق واضحا لفهم الحياة وفلسفتها معبد دون مطبات اصطناعية بفعل التخلف الإنساني ولا مطبات طبيعية بمفهوم التشوه الخلقي للمسلمات كيان الحياة. الشاهد هنا.. أن الاهتمام بالفنون كافة لدى الأنظمة أو شعوبها هو مقياس حقيقي لهشاشة هذه الحضارة أو تلك أو عكسه وهو معيار علمي لمعرفة قوة هذا الكيان من ضعفه. [email protected] twitter@jalalAltaleb - فنان تشكيلي