قال الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}. في هذه الآية الكريمة وفي غيرها أمرنا سبحانه بأن نكون أمةً واحدةً تحت قيادة إسلامية واحدة، ولا نتفرق إلى جماعات وأحزاب. وإذا حصل بيننا نزاع فإننا نحسمه بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}، كما أمرنا في هذه الآية أن نعبد رباً واحداً هو الله الذي خلقنا ورزقنا، فقال: {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}. فأمرنا بوحدة الكلمة والجماعة ووحدة العقيدة والعبادة، ولذلك خلقنا سبحانه، فهو خلقنا لنجتمع في كلمتنا وعبادتنا. واستثنى من أهل الاختلاف من رحمهم فقال: {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، فالاجتماع رحمة والفرقة عذاب بنص هذه الآية الكريمة. وقد كانت هذه البلاد السعودية -والحمد لله- تسير على هذا المنهج جماعة واحدة وعقيدة واحدة، دستورها كتاب الله وسنة رسوله، وهو دستور {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. ولكن في السنين الأخيرة دخلت بلادنا جماعات مختلفة كل جماعة لها منهج ولها قيادة، فتأثر بها كثير من شبابنا فأحدثت فيهم انقسامات ومنازعات. ثم تطور الأمر إلى انقسام طلبة العلم في الانتساب إلى المشايخ، كل فريق منهم ينتسب إلى شيخ معين، لا يأخذ إلا منه ويحذر ممن سواه من المشايخ، وإن كان هذا الشيخ لا يختلف عن الشيخ الآخر في معتقده ومنهجه، وإنما هي تعصبات جاهلية ونزاعات شيطانية مما أضر بمجتمع أهل السنة والجماعة فأحدث الفرقة والتباغض بينهم حتى سنحت الفرصة للمبتدعة أن يظهروا في البلد ويكون لهم الأغلبية نظراً لاجتماعهم فيما بينهم وتفرق أهل السنة فيما بينهم مما يخشى معه من تغير الأوضاع في البلاد. فيا طلبة العلم ويا شباب أهل السنة دعوا هذه الانقسامات والنزاعات. وليكن الولاء والبرء بينكم على الكتاب والسنة ومنهج أهل السنة والجماعة {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، واعملوا بقوله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}، واحذروا من دسائس الأعداء والمنافقين، فإنكم في زمن الفتنة التي لا عاصم منها إلا الاجتماع فيما بينكم علكتاب الله وسنة رسوله وتلقي العلم من العلماء الراسخين الربانيين. وأنتم يا معشر العلماء والمدرسين اتقوا الله ووجهوا طلابكم إلى الوجهة السليمة والمنهج الصحيح والاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله ومنهج السلف الصالح، وحذروهم من الانقسامات والمهاترات والانشغال بنشر العيوب وستر المحاسن {وإِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}. فإن بعض المدرسين يحرض على الفرقة والاختلاف، ويسب هذا ويمدح هذا بغير حق، ولا يهتم بشرح الدرس الموكل إليه. وفق الله الجميع للعمل النافع والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. - عضو هيئة كبار العلماء