الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فلقد لقيته يمشي المطيطاء متكبرا متعاليا فقلت له بيني وبين نفسي مهلا أخي ماهذا التبختر؟, الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا أنسيت أخي أن المسلم لا يتكبر على أخيه المسلم ولا يصعّر خده للناس ولا يمشي في الأرض مرحا, لا يشمخ بأنفه عليهم. جميع الناس أبناء آدم وحواء,, إن المسلم الحق الذي امتلأ قلبه وجوانحه من الهدي النبوي لا ينتفش كالديك على غيره, لأنه يعلم أن هذه الدنيا فانية وأراد أن يربح الباقية أين أنت أيها المتكبر من هذه النصوص التي فيها تحذير لك ولأمثالك إسمع الى قول الباري جل وعلا:(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) وقوله تعالى:(ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختالا فخورا). وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثال ذرة من كبر فقال رجل يا رسول الله ان الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال: إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم:ألا أخبركم بأهل النار كل عتلٍ جوّاظ مستكبر متفق عليه. وإنك لتدهش عند قراءة هذه النصوص وامثالها حيث انها تسعى للقضاء على شأفة الكبر من النفوس بنهيها عنها وتنفيرها منها, وتحذير المبتلين بهذا الداء من أن يخسروا آخرتهم كلها بمثقال ذرة من كبر, وذلك حين ينفثها الشيطان في روعهم, وحسب المتكبرين خزيا ومهانة وحقارة ان الله تعالى لاينظر إليهم يوم القيامة ولا يكلمهم ولا يزكيهم جزاء لكبرهم بالدنيا واستعلائهم على الناس وذلك لأن الكبرياء من صفات الألوهية, وليست من شأن البشر المخلوقين الضعفاء لأنهم هنا ينازعون الباري الجبار في صفة من صفاته العليا ومن هذا المنطلق استحقوا عذابه الأليم, كما ذكره صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي قال الله عزوجل:العز إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني في واحد منهما فقد عذبته , رواه مسلم. فحذار حذار أيها المتكبر المتغطرس في مشيته وكبريائه, في تشدقه بكلامه في شموخه بأنفه علوا على الخلق فالذي خلقك خلق الضعفاء من الناس, وما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه الله قال صلى الله عليه وسلم:إنه أوحى اليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد رواه مسلم, ولقد كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مثالا حيا في التواضع وخفض الجناح, ولين الجانب, وسماحة النفس حتى إنه ليمر على الصبيان فيسلم عليهم, فلم تمنعه منزلته العالية ونبوته العظمى التي خصه الله بها أن يسلم على الصبيان النساء ويهش لهم ويتبسط معهم, قال أنس رضي الله عنه من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ان الأمة من إماء المدينة كانت تأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت يقضي حاجتها رواه البخاري,ولقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يغرس هذه البذرة في نفوس أصحابه رضي الله عنهم أجمعين ويتجلى ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: لو دعيت الى كراع أو ذراع لأجبت ولو أهدي الى ذراع أو كراع لقبلت رواه البخاري. فيا للتواضع في أبهى صوره وأسمى معانيه لو عقلها المتكبرون المتغطرسون المتفيهقون رزقنا الله الاقتداء بسنته والسير على نهجه وهو حسبنا ونعم الوكيل. عبدالعزيز بن محمد الفنيسان المعهد العلمي في محافظة الزلفي