جاء البيان الختامي للقمة الثالثة والثلاثين للمجلس الأعلى ل»مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، الذي انعقد في مملكة البحرين، معبراً عن مواقف خليجية متزنة ومبدئية، تعبّر في مجملها عن النهج الذي تتبعه دول المجلس في إدارة علاقاتها الخارجية، وتعكس رؤيتها الحكيمة إزاء القضايا والأزمات المختلفة التي تشهدها منطقة ملتهبة وتعج بالأحداث السياسية. أولاً، الدعم المطلق لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى)، داعيا جمهورية إيران إلى التجاوب مع المساعي السلميّة لحل القضية، سواء عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى «محكمة العدل الدولية». وفي الوقت ذاته اعتبار أي ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على هذه الجزر الثلاث ملغاة وباطلة ولا تغيّر شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حقّ سيادة الإمارات عليها. ثاني هذه المواقف، هو رفض واستنكار استمرار التدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، والمطالَبة بالكفّ فوراً ونهائياً عن هذه الممارسات، وعن السياسات والإجراءات كلها التي من شأنها زيادة التوتر، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة، وهذا لا شكّ في أنه يعبّر عن أحد أهم المبادئ التي تؤمن بها دول المجلس في علاقاتها الدولية وتطالب الدول الأخرى بالالتزام بها في العلاقة معها، وهو مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية، والالتزام التامّ بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل. ثالثا، هو تأكيد الأمن الجماعي والمشترك لدول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وهذا ما وضح من إقرار الاتفاقية الأمنية بصيغتها المعدّلة، التي وقّعها وزراء الداخلية في اجتماعهم المنعقد في 13 نوفمبر الماضي، ومباركة إنشاء قيادة عسكرية موحّدة تقوم بالتنسيق والتخطيط والقيادة للقوات البرية والبحرية والجوية، وهذه الخطوات تؤكد أن «مجلس التعاون» حريص على تفعيل التعاون الأمني والعسكري، واتخاذ السياسات التي من شأنها الدفاع عن سيادة أعضائه ومصالحهم في مواجهة أي أخطار. رابعا، دعم الشعب السوري، ودعوة العالم إلى التحرك الجادّ والسريع، لوقف نزيف الدم في سوريا، وهذا لا شك في أنه يعكس إدراك دول «مجلس التعاون» للمسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه صعوبة الأوضاع التي تشهدها سوريا، وضرورة تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، لمواجهة الظروف الحياتية القاسية التي يواجهها الشعب السوري. هذه المواقف الخليجية الواضحة والمتّزنة، هي لا شك تأكيد لما وصل إليه العمل الخليجي المشترك من تطوّر وتكامل بفضل الرؤى الحكيمة لقادة دول المجلس، وهي الرؤى التي تؤمن بالمصير الواحد وضرورة وحدة الصف لمواجهة التحديات المشتركة، ولهذا أصبح «مجلس التعاون الخليجي» واحدة من المنظمات الإقليمية الفاعلة، التي استطاعت أن تحقّق أهدافها التي تصبّ في مصلحة المواطن الخليجي، وترسّخ جهود تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. [email protected]