الصراع في سوريا يتمدد ويستطيل، والديكتاتور المأزوم هناك يتخندق خلف المصفقين المخادعين له دون أن يعي أو يدرك أو ينتبه بقدر كاف أو وفق شعور تام، لأنه فقير جداً في التفكير والتحليل ويعيش في فوضى عارمة نتيجة التغييب الكبير الذي صنع له وقولب فيه، الفوضى والعبثية التي تحدث في سورية تعد أتعس وأردى حالة إنسانية يعيشها الشعب السوري، لأن البوصلة استدارت كثيرا نحو المجهول المخيف بعيدا عن الأمل وقريبا من المآسي الكثيفة والصراع المرير الواقع بين الفوضى وقفص الدكتاتورية وكلها صراعات التفضيل بين الممكن وغير الممكن، الواقع يدل على أن الحرب ستكون طويلة وقاسية، حرب فيها من الحيل والكذب والبهتان والخديعة الشيء الكثير، أن الدكتاتور في سورية لن يتراجع لأنه لا يتوقع الرحمة أو الكرامة بحدها الأدنى من أي جهة قادمة وهذا أسوأ التوقعات بالنسبة له، لأنه يعيش في هاجس ارتعابات الموت التي يراها أمامه على الأقل عبر زملائه الذين سبقوه إلى لحظة الخلع القاسية، الشعب السوري بدوره لن يتراجع البتة، لأن الذين خرجوا في تظاهرات واحتجاجات ونادوا بإسقاط رأس النظام، هؤلاء المحتجون لن يعودوا إلى منازلهم وأسرتهم مرة أخرى وهم يعلمون علم اليقين أن ثمة أجهزة مخابرات قد صورتهم وسجّلت أسماءهم وأعدت ملفات عن كل واحد منهم، وسوف تعتقلهم وتعتقل أقاربهم ومعارفهم وكل من ألقى السلام عليهم، ولا نجاة لهؤلاء المحتجين إن ظفر النظام بهم إن سقطت الثورة أو تلاشت - لا سمح الله -، وسوف لن تعدم السلطة حيلة كي تلصق بهم أي تهمة تشاءها، إن الجماهير التي صعّدت من هتافات الوعود بالبطش برأس النظام أو طلب الموت له زاد هذا الأخير خوفاً وهلعاً وجبروتاً، مما جعله يأخذ عمل الدم الكثيف ويتعمد إظهار القسوة المفرطة من بداية الثورة حتى اللحظة، أن من الخطر جداً أن يُترك الشعب السوري وحده في حرب داخل أبواب مغلقة بإحكام، دون حراك عالمي يذكر إلا اللمم، إن الوقوف والتفرج على حافة بحر الغرق لن يخرج الشعب السوري أو ينقذه بلا خسائر فاكتواءات الخسائر المرحلية التي تتصاعد مع استطالة الأزمة ستترك جروحاً غائرة في الذاكرة الشعبية، هذه الجروح ستكون بمثابة أرض لنمو الطحالب والعقد النفسية والرؤى الرمادية للأشياء والحياة، إن الأمل في إنقاذ الشعب السوري من قبل المجتمع الدولي، لا يمكن التعويل، أن الفعل الدولي لن يأتي في الحالة السورية لأن المصالح الدولية لا تتلاقىي المرحلة الراهنة مع رغبات الشعب السوري المقهور، لكن الحل يكمن في مزيد من التضحيات، لأن السيرة الذاتية للشعب السوري ذات التجربة المرّة في مجال النضال تقول إن الأثمان عادة ما تكون فادحة جداً وصعبة، الشعب السوري على وشك الغرق ولا أرض له كي يتراجع، لأنه إن تراجع أو حتى فكر بالاستسلام والنكوص غرق بشدة ولن تقوم له قائمة. [email protected] ramadanjready @