متسلحاً بالهالة التي اكتسبها في إدارة أزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ونجاحه في ترتيب هدنة ووقف العدوان الذي اعتبر نجاحاً للمقاومة الإسلامية الفلسطينية، وتوالي الثناء من الدول الكبرى والإقليمية على أدائه، وتقاطر زعماء إقليميين مؤثرين ووزيرة الخارجية الأمريكية والأمين العام للأمم المتحدة، أزاح الرئيس المصري محمد مرسي عقبة أخرى كانت تنازعه السلطة وتقلِّص من سيطرته وتمكينه من حكم مصر، فعبر نصوص «الإعلان الدستوري» حجَّم الرئيس المصري دور القضاء المصري، وحصَّن قراراته الجمهورية من أي اعتراض أو نقض من قِبَل المؤسسة القضائية، وجعل من المراسيم والقرارات الجمهورية التي يصدرها غير قابلة للنقض من قبل المؤسسات القضائية سواء من قِبَل المحكمة الدستورية أو المحكمة الإدارية أو غيرهما من المؤسسات القضائية المصرية التي كفِّل لها الدستور المصري النظر في «التقاضي» والحكم في الخلافات التي تنشأ بين الأطراف السياسية. الرئيس محمد مرسي اتخذ ما يمكن وصفه ب«مراسيم الضرورة» ليضع آلية جديدة لزمن شغل النائب العام لوظيفته ليتخلص من النائب العام السابق الذي لا يجوز إعفاءه من منصبه إلا بالاستقالة أو العجز. كما استحدث آلية لمحاكمات الثورة، وهو تجاوز لمؤسسات القضاء من خلال تشكيل نيابة الثورة لمحاكمة رموز النظام السابق، أو ما يستحدث من أعمال يعتبرها النظام معارضة للثورة، وهو إجراء يصبغ الحياة السياسية في مصر بصبغة ثورية تتجاوز الإجراءات الدستورية، وهو بالإضافة إلى قرارات منح مكافأة ورواتب للمعاقين والمصابين بعاهات مستديمة أسوة بما يقدم للشهداء، تعد محاولة لاسترضاء الشباب والثوار. وبهذا يكون الرئيس محمد مرسي قد أرضى قطاعاً كبيراً من الثوار، أو ما يسمى بالتيار المدني الذي يعارض تمكين وهيمنة التيار الإسلامي، والمقصود هنا جماعة الإخوان المسلمين، ليكون بذلك قد عمل عدة أهداف في ضربة واحدة. قرارات الرئيس محمد مرسي التي جاءت عبر مراسيم الإعلان الدستوري، يرى فيه المحللون السياسيون والمهتمون بالشأن المصري بأنه ضربة محكمة من قبل الرئيس مشابه لما اتخذه ضد المجلس العسكري، فمثلما تخلص من المشير والفريق ومشاركة المجلس العسكري لسلطاته الدستورية، أزاح المؤسسات القضائية التي كانت تنقض قراراته، فلم يعد النائب العام خارج سلطته وتوجيهاته، كما لم يعد في إمكان المحكمة الدستورية، أو المحكمة الإدارية أو أي مؤسسات قضائية نقض قراراته، كما أنه حصَّن عمل اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع الدستور ومجلس الشورى. وكلها أهداف كانت مؤسسة الرئاسة والتيار المساند للرئيس يطالب باتخاذها، وهو ما يعطي قوة إضافية للرئيس وللتيار الإسلامي المساند له، إلا أن ذلك لن يمر بسهولة، إذ لابد وأن تعارض التيارات السياسية الأخرى، سواء ما تطلق على نفسها بالتيارات المدنية أو الليبرالية، وهو سيفرض على الرئيس والتيارات المساندة له مواصلة خوض المعارك السياسية التي يأمل جميع المصريين ألا تخرج عن المواجهات السلمية ولا تنحدر إلى مواجهات دموية بات كثير من المصريين ومحبي مصر يتخوفون منها. [email protected]