نال الطالب عبدالله بن صلاح الصاعدي من الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينةالمنورة شرف تمثيل المملكة العربية السعودية في الفرع الثاني في منافسات الدورة الرابعة والثلاثين لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره التي ستنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في أروقة المسجد الحرام في الثامن عشر من شهر محرم 1434ه.. وبهذه المناسبة كان ل»الجزيرة» هذا اللقاء مع المتسابق عبدالله الصاعدي فيما يلي نصه: * بداية حدثونا عن مشاعركم وأنتم تنالون شرف تمثيل المملكة في هذا المحفل القرآني العالمي المبارك؟ - إن من اوجب الواجبات ومن شكر نعمة هذه المعجزة الخالدة المستمرة على تعاقب الدهور والأزمان، أن يحافظ المسلمون عليها لأنها عزهم الخالد ومجدهم التالد، وهنا يتضح جليا اهتمام بلادنا المملكة العربية السعودية بجانب القرآن وإعطاءه نوعا خاصا من الاهتمام، ففي هذا الصرح يجتمع المسلمون من شتى بقاع الأرض على إحياء مجلس الذكر والتنافس الشريف على كتاب الله كل منهم يمثل بلاده، وأحمد الله أن اصطفاني لتمثيل المملكة العربية السعودية في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن ولا شك أن اللسان يضطرب لوصف المشاعر حتى لو استعنت بكل المحكمات العقلية، فالشعور لا يوصف في الحقيقة إلا أن عنوانه هي السعادة البالغة ولله الحمد. * كم تحفظون من كتاب الله؟ وما المدة الزمنية التي استغرقتموها في الحفظ؟ وما الفرع الذي ستشاركون فيه في المسابقة، وما الأساليب التي اتبعتموها عند حفظكم لكتاب الله، وما الصعوبات التي واجهتكم أثناء الحفظ، وكيف استطعتم التغلب على تلك الصعاب؟ - أحفظ كتاب الله الكريم كاملاً والحمد لله، وأسأل الله أن يرزقنا الإخلاص فيه قولاً وعملاً، وقد التحقت بحلقات التحفيظ في سن السادسة تقريبًا، وأنهيت حفظ القرآن في سن الثانية عشرة. وسأشارك -بإذن الله- في الفرع الثاني القرآن كاملاً، وقد حفظت القرآن بطريقة واحدة وهي اقرأ الصفحة ثم احفظها، واقرأها غداً عند شيخك غيباً إلى أن تصل لجزء معين تستطيع دخول الاختبار فيه، وبعد أن تجتاز الاختبار أكمل حفظك، وأصعب شيء واجهته عند الحفظ هو حين تسمع أن سورة كذا صعبة جداً لأن فيها متشابهات مع سور أخرى أو أن آياتها صعبة مثلاً، فحينما تصل إلى هذه السورة تمكث فيها فترة زمنيه أكثر من اللازم. واجتزت هذه المرحلة الصعبة مع مرور الوقت. * ما دور البيئة الاجتماعية (الأسرة) التي كنتم تعيشون فيها في إقبالكم على كتاب الله حفظاً وتجويداً؟ - أجزم يقينًا أن الأسرة تلعب دوراً مهماً جدًا في هذا الجانب، وأذكر أنّ والدي -حفظه الله- كان يجعلني أقرأ في الاجتماعات العائلية والمناسبات، فكانت كإنبات خصلة حب القرآن فيّ وأعطتني ما يُسمى بالجرأة فكنت أقرأ في الإذاعة المدرسية وفي الحفلات، ناهيك عن التحفيز الدائم من والديّ خصوصا ومن بقية الأقارب و الأصدقاء. وكان -حفظه الله- مجتهدًا على إتمام الحضور والمتابعة وكان لا يمل من إيصالي إلى الحلقة ناهيك عن بعدها عن المنزل، أسأل الله أن يريه ثمرة تعبه في الدنيا قبل الآخرة. * كيف وجدتم تعلم كتاب الله في حلق المساجد، وجمعيات التحفيظ، ورؤيتكم لتعلم كتاب الله فيهما؟ - منذ سن السادسة وأنا ملتحق بحلقات الذِكر التابعة للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن بالمدينةالمنورة، وما نراه سنويًا من اختبارات دورية بين الفينة والأخرى بفروع متعددة للقرآن الكريم لا شك أنه يلعب دورًا مهماً في مسيرة الطالب، وما يجده من تكريم إن نجح في اختبار ما يعطيه الدافع للتقدم للإمام، وأرى أنه من المفيد جدًا للشخص أن يخوض تجربة حلقات التحفيظ فهي خير معين بعد الله. * ما أثر تعلم كتاب الله وحفظه على تحصيلكم العلمي والدراسي؟ - من واقع تجربة أرى أن حفظ القرآن يقوي الذاكرة ويصفي الذهن، ولو ابتدأ الإنسان يومه بقراءة آيات من القرآن لظهر له هذا واضحاً جلياً فهو يعين الإنسان على ما يكابده في يومه، وهذا مصداق لقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم حينما أمره بقيام الليل وقراءة القرآن فيه علل الله سبب ذلك بقوله: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}، ولو نظرت لجُلّ المتفوقين في المدارس والحاصلين على أعلى الدرجات لوجدت أن غالبهم يحفظ القرآن كاملاً أو أن معه نزرًا منه. * وكيف يؤثر حفظ كتاب الله في خدمة دين الله، والدعوة إليه؟ - القرآن والدعوة، حبلان مترابطان يبعضهما جدًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى الإسلام به، كما أن الدعوة من واجبات هذه الأمة، قال رب البرية: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، والسالك لهذا المنهج محتاج لأن يكون القرآن على لسانه في مسلكه، لأنك لا تعلم لعل آية تخرج من لسانك صادقة تؤثر في قلب من أمامك، ولا شك أن كلام الله لا يقارنه أي كلام، ومما لا جدال فيه أن الداعية إذا كان حافظاً للقرآن فهو أنفع له، ولأن الحافظ لكتاب الله مطالب بمراجعته يومياً، وهذا يعطيه ملازمة للقرآن في حله وترحاله، فيزيد خشية وتقية ويزداد بصيرة إن أخلص في نيته، ولعل المتخصص في مجال الدعوة يظهر له هذا واضحاً جلياً كما أنه لا يخفى على عامة الناس.