لا أعرف ما هي المعايير التي اعتمد عليها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عند إعلانه الحرب على الأطفال والشيوخ والأرامل من أهل غزة؟! هل هي الشجاعة يا تُرى أم أنها وسيلة لتنفيذ أجندة أخرى قد نجهلها، ربما؟! من يقيم خارج غزة وتفصله مئات الكيلومترات عن القنابل العنقودية وصواريخ طائرات (الإف 16) سيكون جديراً بإعلان الحرب على العدو الصهيوني متى ما دعته مصالحه لذلك؛ لأنه لم يقاسِ الجوع والذعر اللذين خلفهما للمساكين وراءه في غزة، واكتفى بالصراخ والشتائم في القاهرة التي يقيم فيها الآن. الأدهى والأمرّ من ذلك أن هذا الرجل المتهور لا يعرف أنه عندما يتحدى المحتل الإسرائيلي فإنه يخاطب كياناً مجرماً، لا يعترف بأي قيمة إنسانية أو دينية أو أخلاقية، ولعل الأيام المرة الماضية التي عاشتها غزة شاهدٌ على ذلك؛ فعدد القتلى الذين سقطوا حتى الآن في القطاع، وبخاصة الأطفال، لم يُرضِ غروره؛ فهو ينتظر مصيبة أكبر من ذلك بكثير، فتوجيهات الولي الفقيه تأمره بأن يُشعل فتيل الحرب في غزة بأي وسيلة كانت؛ لعله ينجح في إبعاد الأنظار عن الجرائم الوحشية التي تقوم بها عصابة الأسد في سوريا، وليس بمستنكر على مشعل تنفيذ الأوامر الخمينية؛ ففي عام 2009م قدَّم تقريراً مفصلاً عن الأحوال في غزة لولي أمر المؤمنين آية الله علي خامنئي - كما وصفته صحيفة «كيهان» الإيرانية - وقال حينها التقيت المرشد واتفقنا على الطريقة التي ستساعد بها إيران في إعادة إعمار غزة، ومنذ ذلك وحتى يومنا الحاضر لم تدفع إيران دولاراً واحداً للشعب الفلسطيني، بل إنها منعت النبلاء الإيرانيين من تقديم العون المالي للفلسطينيين. وعلى الجانب الآخر ما زال أحمدي نجاد يعمل على تعقيد القضية الفلسطينية بالثرثرة في كل المحافل الدولية؛ ليتخذها مخرجاً مناسباً لأي قضية يقحم دولته فيها، بينما تكفلت المملكة العربية السعودية بإعادة إعمار قطاع غزة بتكلفة ألف مليون ريال، وفق ما أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آنذاك في القمة الاقتصادية التي عُقدت في الكويت في مطلع يناير من العام 2009م. تذكِّرني كلمة مشعل التي ألقاها يوم الاثنين 19 من الشهر الجاري في القاهرة بخطابه الذي ألقاه يوم 10/ 1/ 2009م إبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي راح ضحيتها أكثر من ستة آلاف بريء، بين قتيل وجريح، فضلاً عن الدمار الرهيب الذي لحق بالقطاع، بينما لم يُقتل من الجانب الإسرائيلي سوى عشرة جنود فقط! ومع كل هذا وذاك يخرج إلينا مشعل مزهواً ليتشدق بالنصر! أي نصر تحقق بعد كل هذا الدمار الكبير الذي لحق بقطاع غزة؟! فالحرب لا تكون بهذه الطريقة، ولا بهذا المنوال أبداً؛ فلا يمكن لأي عاقلٍ أن يجر الويلات على (ربعه) وهو متوارٍ عن العدو؛ فهذا هو المعنى الحقيقي للجبن والخزي والعار. أطرح هذا الموضوع ونحن نعيش اليوم مأساة العدوان الإسرائيلي السافر على غزة، الذي راح ضحيته أكثر من عشرين فلسطينياً، بينما وصل عدد الجرحى إلى أكثر من سبعمائة، جُلُّهم من النساء والأطفال. فالتاريخ يعيد نفسه، والمصيبة تتكرر، ولا بد من أن يتصدر العقلاء المشهد الفلسطيني؛ ليُجنِّبوا النساء والأطفال والعاجزين ويلات الدمار والخراب. [email protected] عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود