كشفت حادثة انفجار شاحنة نقل الغاز في شرق الرياض يوم أمس الأول عن ضعف معايير الأمن والسلامة المطبقة في نقل الوقود، بأنواعه، والمواد البتروكيماوية الخطرة. برغم قوة الانفجار وفداحة الخسائر البشرية والمادية، إلا أن عدد الضحايا والأضرار كان مرشحا للزيادة في حال وقعت الحادثة خلال ذروة العمل، أو بالقرب من مدرسة أو مستشفى أو مرفق حكومي مُكتظ بالموظفين. ناقلات الوقود والبتروكيماويات أشبه ما تكون بناقلات المتفجرات، ما يجعلها أكثر حاجة لمعايير نقل مشددة. حمولة 30 ألف لتر من الغاز المسال يمكن أن تتسبب في أضرار أكثر فداحة ودموية، خاصة لو تم استغلالها في الأعمال التخريبية المقصودة. الملاحظ أن تلك الناقلات تتحرك بحرية تامة، وفي جميع الأوقات، داخل المدن وخارجها، ولا يتورع سائقوها عن إيقافها وسط الأحياء، أو قيادتها بسرعة جنونية على الطرق السريعة وهذا يرفع من معدل الأخطار المتوقعة. الحادثة وقعت بسبب تهور سائق الشاحنة، وعدم تقديره لخطورة الشحنة المتفجرة التي كان ينقلها بشاحنته وسط المدينة، وعدم تطبيقه معايير الأمن والسلامة، وأحسب أن الأمر ينطبق على كمية الغاز ونوعية الشاحنة التي كشف انقلابها عن ضعف جدار خزانها الذي تفترض فيه المتانة وشدة المقاومة. على موقع اليوتيوب ظهرت لقطات مصورة لإحدى شاحنات شركة «الغاز والتصنيع الأهلية» وهي تنعطف بسرعة فائقة أدت إلى ارتفاع جانب من عجلاتها الخلفية عن مستوى الطريق، إلا أن مشيئة الله أعادت توازنها، وحفظتها من الانقلاب، من أراد معرفة أسباب وقوع حادثة انقلاب شاحنة شرق الرياض وانفجارها فليرجع لليوتيوب ليرى تهور سائقي الشركة في قيادتهم شاحنات النقل المتفجرة. يبدو أن ثقافة الراليات هي السائدة لدى سائقي شاحنات نقل الغاز والبتروكيماويات في المملكة، ويظهر ذلك جليا على طريق الجبيلالدمام، والدمامالرياض. في مدينة الجبيل تنتشر شاحنات نقل البتروكيماويات والغاز في طرقات المدينة وتتعايش مع سكان الأحياء بتوقفها المستمر بينهم، وكأن المدينة لا يكفيها خطر مصانع الغاز والبتروكيماويات المحيطة بها من كل جانب. حادثة الشاحنة دقت ناقوس الخطر للكوارث التي يمكن حدوثها لأسباب مرتبطة بنقل الغاز والبتروكيماويات أو تعرض مصانع الإنتاج للأخطار المفاجئة. نحن في أمس الحاجة إلى فتح ملف إنتاج ونقل الغاز والبتروكيماويات ومراجعة معايير الأمن والسلامة المُتبعة، ودراسة الأخطار المتوقع حدوثها وأثرها على السكان والبيئة. سلامة الإنسان وأمنه مقدم على أهمية الإنتاج وتحقيق الربحية، ما خلفه انفجار شاحنة الغاز في الرياض قد يكون نموذجاً مصغراَ للأخطار الكارثية التي قد تحدث لأسباب عرضية، أو أخطاء بشرية مرتبطة بمصانع الغاز والبتروكيماويات. أولويات أمن الإنسان وحماية البيئة شرعها الدين الحنيف قبل القوانين الدولية. نحن في أمس الحاجة لوضع معايير ولوائح صارمة على قطاعات إنتاج ونقل المواد الخطرة، وعلى رأسها الغاز والبتروكيماويات، والاعتماد على شركات عالمية مستقلة لمراجعة تلك المعايير لضمان دقة التطبيق، وفاعلية وسائل الأمن والسلامة. تفعيل دور المرور ووضع خط سير لشاحنات النقل، وتحديد وقت دخولها، ومراقبة سرعتها ووجهتها إلكترونيا، والالتزام بمسار الشاحنات على الطرق السريعة قد يساعد في الحد من خطرها، في الوقت الذي تشكل فيه شبكة أنابيب نقل الغاز والوقود حلا جذريا لمشكلات الناقلات الخطرة. [email protected]