قبيل أيام من شعيرة الحج المبارك، وفي غمرة الاستعدادات اللوجستية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وممثلياتها في الخارج لخدمة حجاج بيت الله الحرام، زارت «الجزيرة» السفارة السعودية في بيروت؛ للوقوف على سير العمل في موضوع التأشيرات والتحضيرات لهذا الركن المهم من أركان الإسلام. السفير علي عواض عسيري وأركان السفارة لا يستكينون حتى ينجزوا معاملات اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين والنازحين السوريين إلى لبنان لتسهيل إنجازات المعاملات المتعلقة بهذا الأمر. وكان لنا حديث في هذا المجال مع سعادة السفير لم يخلُ من السؤال عن المساعدات السعودية الإنسانية المتزايدة للنازحين السوريين. ** سعادة السفير عسيري، كيف يمكنكم وصف الإجراءات المتخذة من قِبل السلطات السعودية لتسهيل انتقال الحجاج إلى الأراضي المقدسة؟ وكيف تتحركون أنتم في هذا المجال؟ وكم وصل عدد اللبنانيين وغيرهم من المقيمين في لبنان الذين حصلوا على تأشيرات هذا العام؟ * بداية، يطيب لي أن أشكر الله - عز وجل - على تشريفه المملكة العربية السعودية احتضان بيته الحرام وخدمة الحجاج الذين يفدون إليه من أقطار العالم كافة. وانطلاقاً من هذا الشرف العظيم تتفانى الدولة السعودية منذ عقود طويلة، وبتوجيهات مباشرة من الملوك الذين اعتلوا عرشها وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في تقديم أفضل التسهيلات للحجاج مسخرة كل طاقاتها البشرية والإدارية والأمنية والصحية والتقنية لإنجاح مواسم الحج، وتمكين الحجيج من تأدية هذه الفريضة بيُسر وطمأنينة وسلام. والسفارات السعودية المنتشرة حول العالم تعمل بدورها وفق هذه التوجيهات السامية؛ فالسفارة السعودية في لبنان مثلاً تتواصل مباشرة مع هيئة شؤون الحج التابعة لرئاسة الحكومة اللبنانية، وتبلغها على مدار العام بالتوجيهات الإدارية والصحية التي تصدر عن وزارة الحج السعودية، وهذه الهيئة هي التي تقبل وتدرس طلبات الحجاج اللبنانيين وفقاً للعمر والأفضلية، وترسلها إلى السفارة التي تضع التأشيرات الخاصة بالحج على الجوازات وتعيدها إلى هيئة شؤون الحج لتسليمها إلى أصحابها. هناك نظام متفق عليه بين حكومة المملكة العربية السعودية والحكومات العالمية، نستند إليه في العمل، وبذلك فقد منحت السفارة في لبنان هذا العام نحو 9000 تأشيرة للأشقاء اللبنانيين والفلسطينيين، إضافة إلى ما تقوم به السفارة حالياً من منح تأشيرات للمواطنين السوريين الموجودين في لبنان؛ وذلك إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -. وإنني أود أن أغتنم هذه المناسبة لأتمنى لهم جميعاً من موقعي سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في لبنان أن يكون انتقالهم إلى المملكة ميسراً، وأن يؤدوا هذه الفريضة المقدسة بيسر وسهولة، ويعودوا إلى ذويهم مفعمين بالإيمان والتبريكات. ** إضافة إلى التأشيرات للنازحين السوريين كما تفضلتم قررت المملكة تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين دعم النازحين السوريين إلى البلدان المجاورة، والمساعدات السعودية الإنسانية ناشطة في لبنان لدعم النازحين إنسانياً. كيف يمكنكم شرح ذلك؟ * إن دعم الأشقاء العرب والمسلمين، والوقوف إلى جانبهم في الصعوبات، وتقديم المساعدات لهم ليس جديداً على المملكة العربية السعودية وعلى خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بل هو في صلب السياسة التي تنتهجها المملكة تجاه الأشقاء؛ فهي تعتبر الجسم العربي والإسلامي واحداً، وما يصيب جزءاً يصيب المجموع. والمواقف الإنسانية التي تتخذها المملكة في مختلف بقاع الأرض أكثر من أن تُحصى. ونظراً للعلاقات الأخوية التي تربط المملكة بالشعب السوري الشقيق، وما يتعرض له هؤلاء في هذه المرحلة من صعوبات حياتية من جراء الأحداث التي تمر بها سوريا، فقد دعا خادم الحرمين الشريفين أبناءه إلى الوقوف إلى جانب أشقائهم، وكالعادة فقد لبى الشعب السعودي نداء قائده، وهناك الآن مؤسستان سعوديتان، هما هيئة الإغاثة السعودية التابعة لرابطة العالم الإسلامي والحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا التي تعمل تحت إشراف صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية، وهما تتنافسان في مساعدة الأشقاء السوريين في دول الجوار، ومنها لبنان. ويطيب لي أن أشير إلى أن المساعدات التي تقدمها هاتان المؤسستان بالتنسيق مع السفارة لا تقتصر على تقديم المواد الغذائية فحسب بل تطول أيضاً النواحي الطبية والتعليمية والسكنية. فعلى سبيل المثال ساهمت هيئة الإغاثة بتجهيز عدد من المستشفيات في منطقة طرابلس والشمال اللبنانية عبر تقديم غرف عمليات حديثة وأسرّة إضافية بكامل المعدات، إضافة إلى اعتماد حالات علاج مرضية والتعاقد مع صيدليات في عدد من المناطق لتوفير أدوية مجانية للنازحين، إضافة إلى إيواء العائلات في منازل أو مجمعات تتولى الهيئة دفع إيجارها. كذلك تقوم الحملة الوطنية السعودية بجهود مماثلة في ناحية تقديم المساعدات الغذائية للنازحين، وهي تقوم حالياً بوضع خطة لتطوير عملها خلال فصل الشتاء؛ حيث يتم إجراء مسح للحالات الطبية والسعي إلى تأمين لوازم التدفئة للأشقاء النازحين من مدافئ وبطانيات وما شابه من لوازم التدفئة؛ للمساهمة قدر الإمكان في تخفيف معاناتهم ومساعدتهم على اجتياز المحنة التي يمرون بها.