يقول أينشتين (فمن أجل أن تتعلم عليك أن تتخيل والفن أكثر الفعاليات الذهنية الفطرية والبدائية عند الإنسان). ويشاطره بالرأي الفيلسوف البريطاني كولينجوود (إن الفن من الأشكال الدائمة والضرورة للفاعلية الروحية وأنه مكافئ للخيال والتخيل عند بعض العلماء والفلاسفة وأعلى وأهم من العلم). توقفت مليا عند تلك المقولتين فقد اتفقتا على أن الفن يأتي بمرتبة عالية بالمقارنة بالعلم والمعرفة بل إنهما ذهبا إلى أن يكون الخيال مرفأ للفن والفن يكون منارة للعلم والمعرفة وان الفن هو الطريقة الطبيعية والمثلى لتفعيل العقل المبدع على الخيال وأن النمطية الذهنية البدائية لدى الإنسان هي تلك النماذج الفطرية بطريقة الرسوم البدائية لدى رسوم الأطفال. وقد أكد اختصاصيون بعلم النفس أن هناك أطفالا لديهم الفطرة السليمة للتعبير عما بداخلهم إلا أن هناك الكثير من الأمور التي تمنعهم من التعبير الصريح عنها نظرا للقيود الاجتماعية المفروضة عليهم من الكبار فبالرسم نفهم مكنونات الأطفال ودوافعهم ومشاعرهم ليفرغوها على الورق ويرسموا أحلامهم وأمنياتهم ومستقبلهم الذي يريدون وبالتالي يتم تحقيق التواصل بينهم وبين الآخرين. والرسوم الصخرية لدى الإنسان في العصور القديمة هي السليقة النقية للفن فهم أشبه بأطفالنا ولكنهم كبار في السن ورسومهم لا تختلف كثيرا عن رسوم أطفالنا بيد أن إنسان العصور القديمة لديه مقاييس للمنظور أدق من رسوم الأطفال بالعصر الحديث وهذا ما أثبتته بعض الدراسات العلمية حديثا. ومن هنا نستنتج أنه بالعلم والتطور قد قُلص الفن وانكمش الخيال تلك الفطرة الفنية النقية فالعلوم والمقاييس المتراكمة بالعقل بمرور سنين العمر لدى الإنسان أنتجت اتكالية ذهنية حد الكسل فمنها إمهان للعقل وتقليص للقدرات الإبداعية سواء أكانت تنطوي تحت مقاييس علمية بمفهوم منطق المعادلات أو مسلمات دينية يُعتقد أنها مثالية أو عادات اجتماعية سلم بها العقل إلى حد التقديس أو أدلجة الأطفال من قبل الكبار وبذلك يكون هذا الإنسان كالمقيد بالأسلاك الشائكة تابع ومتمترس خلف جدران قد شيدها له الغير حتى لا يحرك ساكنا أكان حراك ذهني أو فعلي..! الشاهد هنا أن الإنسان يولد على الفطرة مبدعا ومتحررًا في إبداعه من ذاتيته وتبعيته لكل شيء وهو متمرد بالسليقة على كل الأطر التي تكبل مخيلته..!! [email protected] twitter@jalalAltaleb