إذا كانت بعض الروايات الشهيرة قد اعتادت على وصف الإنسان بأنه ذلك الكائن الذي يكد ويعمل في النهار ومن ثم يسترخي ويسمر في الليل، فإن الرياض - هذه المدينة العملية الصاخبة - لا تكاد تبتعد كثيراً عن هذا التصور، فبعد يوم عملي طويل يتجه عدد غير قليل من سكان العاصمة إلى أطرافها حيث الأماكن الهادئة ذات الضوء الخافت والملائمة لطلب بعض الراحة والترفيه عن النفس. المقهى بما فيه من خصوصية وطابع مميزين، بات أشبه بعُرف اجتماعي أو بند أساسي في الجدول اليومي للكثيرين، فهو الموعد المتفق عليه سلفاً، والجلسة التي تجمع الأصدقاء بعيداً عن أعباء الرسميات وتكلُّفها، وإذا كانت «الشيشة» تمثّل الرمزية المرتبطة بتلك المقاهي فإن قضاء الوقت في تلك الأماكن يمكنه أن يتضمن الكثير مما يُمكن فعله. في شرق الرياض وخارج نطاقها العمراني المنظور، تحديداً على الطريق المتجه نحو الدمام، يتجمع كثير من الشباب في المقاهي بأعداد كبيرة «من شدة الازدحام, لو تأخرت نصف ساعة بعد العشاء لن تجد مكاناً» يقول إبراهيم 22 عاماً من أحد مرتادي تلك المقاهي. تصميمات عصرية وجلسات على أشكال مختلفة وموظفون بزي موحد وكذلك حراس للأمن «أصبحت بعض المقاهي أحد أهم عوامل الترفيه للبلد» علّق سليمان 27 سنة «كخبير في الإدارة أعرف أن تهيئة كل هذه التصميمات والأشكال وحدوث الانسيابية في العمل يحتاج إلى مجهودات كبيرة جداً» فيما تتجه رؤية عبد الرحيم الشدوي إلى ناحية أخرى «تستوعبنا المقاهي ونجد فيها الفرصة للتسلية ومقابلة من نعرف ومن لا نعرف.. من دونها سيتجه الشباب للمشاكل والتفحيط.. الحياة من دونها صعبة». يجزم مجموعة من الذين التقيناهم أن نسبة كبيرة قد تصل النسبة إلى 85 من شباب الرياض هم من رواد تلك المقاهي إن لم يكونوا من هواة الشيشة فهم مدخنون غالباً، كما يؤكد العاملون في المقاهي أن روادها يتنوعون من مختلف فئات المجتمع ومستوياتهم العمرية والثقافية، فتجد المهتمين بمجرد قضاء وقت مريح، وتجد الحريصين على متابعة المباريات الرياضية والأفلام على الهواء الطلق أو في الخيام المصغرة التي تمنحهم جواً أكثر خصوصية، كما أن هؤلاء الرواد يمكنهم أن يكونوا من الأكاديميين أحياناً والمثقفين أو أولئك الذين يلتقون لتنسيق مشاريع عمل أو دراسة فكرة بشيء من التروي بعيداً عن ضغط المدينة. ثمة اقتناع تام بما يفعله أولئك الشباب شديدو الارتباط بعادتهم اليومية تلك، هم لا يرون فيها تلك الصورة غير الجيدة التي تنطبع مباشرة عند البعض بمجرد ذكر أماكن تدخين «المعسل»، محمد 21 عاماً يمسك العصا من الوسط ويقول: «هناك سلبيات بلا شك ولكن الوضع ليس بذلك السوء الذي يصوره الآخرون، على كل من يتهم المقاهي بالأماكن غير الصحية» لا تجعلك الشيشة أبداً غير منتج, أدرس على الشيشة وأتهيأ بها أحياناً لأداء أعمالي». هناك اقتناع آخر لا يقل تمسكاً بموقفه في جانب آخر، فعلى الرغم من الآثار الصحية للشيشة إلا أن الشباب لم تؤثر عليهم التحذيرات التي تنشر عن آثار الشيشة. يقول إبراهيم الأحيدب 21 سنة « ‹وقفت› على الشيشة؟ أشياء كثيرة نستهلكها مضرة بالصحة». كادر خسائر في أرباح محلات المعسل والجراك على إثر قرار ترحيلها خارج العاصمة تذمر مالكون لمحلات بيع الجراك والعسل من قرار ترحيل محلاتهم من داخل العاصمة الرياض إلى خارجها وذلك بسبب الخسائر المادية والمعنوية، وقد أقرت إمارة منطقة الرياض برئاسة الأمير سطام الخطة الإستراتيجية الشاملة لمكافحة التدخين بمنطقة الرياض، والتي رفعتها لجنة مختصة وقد جاء من ضمنها منع قرار بيع منتجات التبغ في البقالات وإلزام أصحاب محلات بيع الجراك والمعسل بإيقاف أنشطتهم داخل المدينة، وتخصيص أماكن خارج الأحياء السكنية لهم. هذا وكان قرار ترحيل جاء نتيجة لكثرة الشكاوي التي قدمها الأهالي في الأحياء التي تكون فيها تلك المحلات على اعتبار أن تلك المحلات أصبحت أمكنة لتجمعات المراهقين وإمكانية تطور المسألة لتعاطي المخدرات. ويقول أحد المالكين لمحلات المعسل والجراك إن قرار الترحيل أثَّر عليهم من ناحية انحسار الأرباح وكذلك عدم الاستقرار للعاملين وعدم توفر الخدمات الأساسية بجانب مقراتهم الجديدة من سكن ومياه. ويقول: «الأرباح كانت في السابق لنا من 2000 إلى 3000 في اليوم وقد تقلصت الآن إلى ما بين 800 إلى 1500».