كما هي عادة المحسنين في هذه البلاد الطاهرة في المسارعة في الخيرات والبذل في أعمال البر والتقوى ابتغاء ما عند الله، وتلمس احتياجات المواطنين الذين يقطنون الأحياء السكنية التي تشيد على أرض بلادنا العزيزة وتوفير ما تحتاج إليه من المساجد ودور العبادة خدمة لمرتاديها، وطلباً للثواب من الواحد الديان فإن من أجمل المساجد في مدينة الرياض جامع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود بحي قرطبة بالرياض والذي يعد معلماً حضارياً للمدينة وأصبح بفضل الله عنواناً وقامة تثبت بأن هذه البلاد بجميع أطياف مجتمعها سباقون للخيرات، ويتسارعون دوماً في البذل ابتغاء لوجه الله والدار الآخرة، وقد شيد المسجد الذي تبرع به وتكفل بنفقات تشييده سمو الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز وقد روعي في تصميمه أن يكون متوافقاً مع طابع البناء والحضارة الإسلامية الخالدة والتي ميزت عمارته، وقد مر المسجد أثناء فترة التشييد بعدة مراحل من بينها القيام بتحديد الموقع، والبدء في مراحل التصميم الفريد ثم الانتقال إلى مرحلة التنفيذ، وقد هيأ الله سبحانه وتعالى لي أن كنت من المرتادين لهذا المسجد في شهر رمضان المبارك الذي ارتاده المصلون في الشهر الكريم متقربين إلى الله تعالى بأداء العبادة والصلوات المفروضة وصلاة التراويح والقيام حيث اكتظت جنبات المسجد الفسيحة بالأعداد الكبيرة منهم، والله نسأل أن يتقبل هذا العمل الخير من سمو الأمير سلطان بن فهد، وأن يجعله في موازين أعماله الصالحة وأن يعوضه خيراً مما أنفقه إنه سبحانه جواد كريم. وعندما تأملت في هذا المسجد الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة من حيث التشييد وطريقة البناء التي تذكرنا ببناء المسجد النبوي الشريف أدركت حجم الجهد الكبير الذي بذل لتشييده والمال الذي سخر في سبيل إنشائه وقد أثارني الفضول في سؤال أحد المقربين من سمو الأمير سلطان عن مراحل تنفيذ هذا الصرح الكبير، فأجابني أن الأمير حرص على أن يكون الجامع متكامل المرافق، وشاملاً للخدمات التي تميزه من حيث وجود مكتبة إلكترونية لطلبة العلم، وكذلك مدرسة تحفيظ القرآن، ومصلى للنساء، كما تم توفير عدد من الخدمات المساندة للمسجد تعتبر من المرافق التقنية المساندة فيه مثل المحطة الاحتياطية لتوليد الكهرباء، ومحطة تنقية المياه، ومواقف السيارات التي تتسع لسيارات المصلين بحيث تضمن انسياب حركة المرور بكل يسر وسهولة عند انصرافهم من الجامع، كما وفر للمسجد أيضاً أجهزة كبيرة لتبريد الهواء وتجديده داخل المسجد وهو الأمر الذي لفت انتباهي بالرغم من اكتظاظ المسجد بالمصلين الذين زاد عددهم عن خمسة آلاف مصل في شهر رمضان والذين توافدوا إليه لأداء صلاة التراويح والتهجد حيث إن أنظمة التكييف كانت تعمل بكفاءة متناهية ساهمت في ارتياح المصلين وبث الطمأنينة بينهم وكانت من العوامل المساعدة في تهيئة المناخ الملائم لهم لأداء العبادة بالمسجد والتي كانت محل إشادة من المصلين في قدرتها على المحافظة على درجة حرارة ثابتة داخل هذا الجامع بالرغم من ارتفاع درجة الحرارة لحدها الأعلى في مدينة الرياض خلال شهر رمضان، ولعلي في هذه المناسبة أن أوجه نداء لوزارة الشؤون الإسلامية والقائمؤن عليها وعلى رأسهم معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بأن يتم استنساخ هذا المسجد بجميع مرافقه نموذجاً يحتذى ببنائه في مدن المملكة العربية السعودية وأنا أثق بأن سمو الأمير سلطان سوف يزود الوزارة بكافة التفاصيل والمعايير الذي انتهجها في تشييد هذا المسجد، وكون الحديث في هذه العجالة يتعلق جزء منه بالجانب الخيري الملازم لسمو الأمير سلطان بن فهد والذي يعد شخصية استثنائية شاملة في البذل والإحسان والدعم، ولدي معرفة قليلة على الصعيد الشخصي بما ينفقه سموه جزاه الله خير الجزاء على المساكين والفقراء، والأيتام وأصحاب الحاجة الذي يضاف إلى دعمه اللامحدود الذي تلقاه من سموه حلقات تحفيظ القرآن ناهيك عن أن سمو الأمير سلطان كان ولا يزال له مساهمات كبيرة في دعم الأعمال الخرية الأخرى وأنا أسوقها من باب الإشادة بهذه الأعمال والتشجيع على تواجدها وتوسع انتشارها في مجتمعنا من قبل رجال الأعمال وميسوري الحال في بلادنا ويجعلنا نتمنى بأن مثل تلك الجهود الخيرة التي تبذل من قبل سموه لا تقف عند حد معين بل إنني أضيف بأن سمو الأمير يخطط لإقامة مراكز الفشل الكلوي في مناطق عدة في المملكة في المستقبل القريب إدراكاً لما تمثله هذه المشكلة الصحية التي ألقت بظلالها على فئة ليست صغيرة من أبناء المجتمع السعودي الذي قدر المولى تبارك وتعالى أن يصابوا بأمراض الكلى والفشل الكلوي، كما أن سموه يخطط لإقامة مستوصفات في بعض الأحياء لتقديم الخدمة المجانية في المستقبل القريب ضمن مشاريعه الإنسانية، كما أن سموه يكاد ينفرد في تميزه في مجال تعدد الدعم والذي وصل إلى دعمه للأبحاث العلمية في جميع المجالات وسموه رائد في تأسيس وإنشاء عدد من كراسي الأبحاث العلمية مع عدد من العلماء العرب وذلك قبل أن تبدأ بها الجامعات السعودية ويأتي ذلك إدراكاً وإيماناً منه بأهمية البحث العلمي وضرورة تقديم الدعم والتحفيز من سموه وثقته بقدرة العلماء العرب الذين دأبوا على وجود الدعم والمساندة من سموه في كثير من المناسبات التي تتعلق بمجالات أبحاثهم العلمية ويكفي أن سموه استطاع أن يدعم أبحاث المبيدات العضوية الحيوية التي حلت مكان كثير من المبيدات الكيميائية وكان لتلك الأثر الفاعل في خلو المنتجات الزراعية من المواد الكيميائية والتي لها سبب مباشر في الأمراض المستعصية مثل السرطان والفشل الكلوي والوباء الكبدي إضافة إلى حصول عدد من العلماء العرب على دعم سموه في مجالات طبية متعددة، ولا يمكن لي رغم أنني بعيد عن مجال الرياضة إلا أن أذكر بما حققته الرياضة السعودية من نقلة نوعية حينما كان سموه مشرفاً مباشراً على شؤون المنتخب السعودي الأول. وشخصية مثل شخصية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز حري بالقارئ الكريم أن ينهل قبساً من عطرها، فسموه الكريم ابتدأ حياته في خدمة هذا الوطن والذود عن ترابه الطاهر (ضابطاً في الجيش السعودي)، وقد تدرج سموه في عدة مناصب إلى أن اختتم حياته العسكرية حينما صدر المرسوم الملكي الكريم بذلك ليشكل قدوم سموه لرعاية الشباب نائباً فرئيساً عاماً لها نقله نوعية بالكرة والرياضة السعودية، فالتاريخ سيسجل لسموه بأنه أحد البارزين في وضع اللبنات في قوام الكرة السعودية التي اشتدت وتماسكت وتوجت بحصول المنتخب السعودي على مقعد ثابت في كأس العالم أربع مرات متتالية، والظفر بكأس العرب وكأس الخليج وكأس العالم لذوي الاحتياجات الخاصة وتلك شواهد حية وحاضرة على العمل الذي كان يقوم به سموه خدمة للرياضة في بلادنا، إن مسيرة الرياضة السعودية ذات الإنجازات الذهبية قد ارتبطت بسموه حتى أطلقت عليه الجماهير السعودية وجه السعد، لقد صنعها فكان نعم الصانع وكانت نعم المصنوع لقد رمى سمو الأمير بكل جهد في سبيل تطوير الرياضة والنهوض بها لتحقيق الإنجازات المتتالية وأعطى سموه الرياضة السعودية جل وقته وأنفق عليها من ماله الخاص فكثير من رؤساء الاتحادات الرياضية ذكروا لي أنهم كانوا يلجؤون إلى سموه في كثير من الأحيان في دعم إنجازاتنا الرياضية بعد نفاذ الميزانية المخصصة لهم فلم يتأخر سموه في شيء من ذلك وقد وصل به الأمر أنه أعطى في سنة واحدة أعطى اتحاد كرة اليد أكثر من ستة ملايين وأعطى اتحاد كرة السلة أكثر من ثلاثة ملايين ريال في نفس السنة، وحظيت جميع الاتحادات بهذا الدعم ولم يغب عن سموه دعمه للأندية الرياضية في كل مناطق المملكة وقد حظيت أغلب الأندية بدعم مالي كبير من سموه خصوصاً تلك الأندية التي كانت تمثل المملكة خارجياً، وقبل أن أختم هذا المقال أود أن أذكر صفة يتمتع بها سموه ألا وهي الوفاء فكان دائماً يسأل عن زملائه في الدراسة وزملائه الذين كانوا معه في الجيش كذلك في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأصدقائه وجميع من كان له صلة سابقة به، وهي صفة عزيزة كما يعلم الجميع. محامي ومستشار قانوني [email protected]