برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- وضمن سلسلة جهوده العظيمة التي يبذلها -أيده الله- ومن منطلق حرصه ومتابعته وجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية شؤونهم في العالم، ومتابعة قضإياهم والدفاع عنهم وعن مبادئ دينهم، والتصدى للحملات المغرضة التي تستهدفهم، فقد دعا خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- قادة العالم الإسلامي إلى عقد مؤتمر استثنائي للتضامن الإسلامي في مكةالمكرمة يومي السادس والسابع والعشرين من شهر رمضان المبارك لهذا العام 1433ه، لبحث أوضاع المسلمين ومواجهة التحدِّيات المصيرية التي تواجه الأمة الإسلامية، التي من أكبر أسبابها التفرق والاختلاف واستغلال الأعداء لهذا الاختلاف والتفرق وإثارة الفتن الطائفية والمشكلات بين الدول بعضها مع بعض، ومما لا شك فيه أن هذه الدعوة الكريمة ذات الأهداف النبيلة والمتزامنة مع قدسية الزمان والمكان وفي أحرى ليلة ترجى فيها ليلة القدر زمانًا وبجوار الكعبة المشرفة بمكةالمكرمة مكانًا لحرية بمسارعة قادة دول العالم الإسلامي إلى التفاعل والتجاوب معها دون تردد، واستشعارهم بعظم المسؤولية الكبرى الملقاة عليهم أمام الله سبحانه وتعالى في تدارك ما يمكن تداركه بسبب الفرقة التي لا تزال تعيشها الأمة الإسلامية. من الآلام والمشكلات الحادة التي تواجهها الأمة الإسلامية اليوم التي تنتظر مساعي قادة الأمة الإسلامية الخيّرة معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الحصار والاضطهاد ومحاولة الدَّولة الصهيونية تهويد القدس ومسألة حصار غزة الأبية، ومن جراحات المسلمين الغائرة ما يجري حاليًّا في سوريا من قبل أعوان بشار الأسد من سفك للدم المسلم الزكي في مجازر يومية تنفذ ضد أهل السنة بالشام من قبل نظام الأسد الطائفي البغيض وكل من يؤيده بالمواقف السياسية أو بالفيتو بمجلس الأمن وبالرجال والعتاد من الأعداء الدوليين والإقليميين والمحليين. ومن جراحات الأمة الإسلامية أيضًا ما يرتكب من مذابح ضد مسلمي مينمار على أيدي البوذيين في تلك البلاد تحت سمع وبصر الأممالمتحدة دون أن يحرك أحد ساكنًا على الرغم من مزاعم الأممالمتحدة بأن العالم يعيش عصرًا زاهرًا من التسامح الديني (الذي من المفترض أن يكون من طرف المسلمين فقط)، هذا بالإضافة إلى ما يجري في العراق والصومال وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين. ومن مصائب الأمة الإسلامية الهستريا الإعلامية الغربية ضد الإسلام والمسلمين وتخويف العالم منهم والربط بين الإسلام والمسلمين والإرهاب دون سائر الملل والنحل. ولا شكَّ أن من أهم أسباب نكبة الأمة الإسلامية وتتابع المصائب عليها هي الفرقة وشتات الأمر فيما بينهم، قال الله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وقد حفظ لنا التاريخ أسماء كثيرة نادت وعملت وقدمت الكثير من الإنجازات والنجاحات بالتضامن الإسلامي منها على سبيل المثال لا الحصر: صلاح الدين الأيوبي، والظاهر بيبرس وشيخ الإسلام ابن تيمية والعز بن عبدالسلام، وفي العصر الحديث الشيخ محمد بن عبدالوهاب والملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود، والملك فيصل بن عبد العزيز -رحمهم الله- جميعًا، والأمة الإسلامية اليوم لتلهج بدعاء الله تعالى في هذه الأيام المباركة أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- رائد الدعوة الجديد للتضامن الإسلامي وجميع إخوانه قادة الدول الإسلامية في اجتماعهم القادم في مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي بمكةالمكرمة 26-27 رمضان 1433ه إلى أن يفتحوا صفحة جديدة ويسطروا تاريخيًّا مجيدًا من تاريخ الأمة الإسلامية من خلال عودة التلاحم والتضامن الإسلامي والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي وبث روح الإخوة الإسلامية فيما بينهم والبدء في مسار الوحدة الإسلامية التدريجية، وتناصر المسلمين فيما بينهم ليعود الدم المسلم غاليًا عزيزًا كما كان عبر التاريخ. وكذلك البدء في المشروعات المشتركة بين دول العالم الإسلامي في كلِّ المجالات الاقتصاديَّة والعلميَّة والتَّقنيّة والسياسيَّة والعسكريَّة وغيرها، والعمل على تحقيق الاستقلاليّة الإسلاميّة من تأثير الدول الأجنبية، ووضع الخطط المستقبليّة لتحقيق الريادة في المجالات كافة في جميع البلاد الإسلاميّة. وبالرغم مما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من أحداث مؤلمة إلا أن المملكة العربيَّة السعوديَّة أخذت على عاتقها النداء تلو النداء للوحدة الإسلامية، وما دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- للاجتماع في بيت الله الحرام وفي شهر رمضان وفي أرجى ليلة ترجى فيها ليلة القدر إلا أكبر دليل على ذلك. أسأل الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وقادة المسلمين المخلصين وعلماءهم ومثقفيهم إلى جمع كلمة المسلمين والعمل وفق كتاب الله وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما أسأله سبحانه أن يبعد الأمة عن الفتن والنزاعات والفرقة لتبرز حضارة الإسلام الإنسانيّة وفق منهج الإسلام الوسط، ونثبت للعالم أجمع أن الإسلام رسالة عالميّة جاءت رحمة وهداية للناس كافة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلَّى الله وسلَّم على نبيَّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [email protected]