ضخ الاستثمارات بالاقتصاد المحلي سواء كان عبر الانفاق الحكومي الاستثماري أو من القطاع الخاص ليس بالعامل النهائي لتحقيق النمو والتطور البنيوي للاقتصاد بل هو تهيئة لكي يتم ضخ رأس المال الحقيقي والمتمثل بالعنصر البشري. فما يتم تحقيقه من معدلات عالية من المتخرجين والمؤهلين من الجامعات والمعاهد يفترض أن يتم استيعابهم جميعا ومنذ سنوات في الوظائف والفرص التي ولدتها هذه المشاريع الضخمة والانفاق الغير مسبوق على البنية التحتية منذ سنوات والحديث عن نسب بطالة تقارب عشرة بالمئة هو مؤشر سلبي بأن هذه التنمية الاقتصادية لم تنعكس بالشكل الكامل على كافة الجوانب المستهدفة بالخطط التنموية وهنا لابد من الإشارة إلى أن البرامج الهادفة للتوظيف والتي تنفذها وزارة العمل حركت المياه الراكدة في ملف توطين الوظائف وحققت ارقاما مهمة في عدد المستفيدين منها وهذا دليل على ان البطالة الموجودة غير منطقية في ظل اقتصاد ينمو بقوة كبيرة وانما الخلل في تركيبة سوق العمل وايضا في طريقة تنظيم عمل القطاع الخاص من ناحية استيعابه للمواطنين ومدى التزامه بالشراكة الاقتصادية الكاملة فاذا كان يستفيد من الانفاق الحكومي فإن المطلوب منه ان يلعب دورا تنمويا رائدا لعل اهم جانب فيه هو تشغيل المواطن. وهنا لابد من زيادة التركيز على ان يكون لنسب السعودة المطلوبة بالقطاع الخاص تقسيم اكثر فائدة فمن المفيد ان تحدد نسبة معينة للخريجين الجدد بحيث يفرض على القطاع الخاص تعيينهم بهدف كسب الخبرة والتأهيل لا ان تكون بالطريقة المفتوحة حاليا والتي يقدم بها صندوق الموارد البشرية راتبا لعدة اشهر يشكل نسبة كبيرة مما يدفع للموظف المستجد بل يفترض اعادة توزيع نسب السعودة وان يكون على الاقل ثلث هذه النسبة للمستجدين بسوق العمل. كما ان رفع النسب بالعمالة المهنية بات امرا ضروريا اذ لابد من ان تمسك العمالة الوطنية بالوظائف التشغيلية خصوصا في عقود الصيانة والتقليل تدريجيا من الاعتماد على العمالة الوافدة اذ ان طبيعة المشاريع التي تنفذ كلها تعتمد تقنيات حديثة ولابد من توطين الخبرات المشغلة لها من خلال توظيف خريجي المعاهد والكليات المهنية بهذه المشاريع كجزء اساسي من بنود اي عقد حكومي وبنسبة تكون مرتفعة يضمن معها الوصول الى قدرة مستقبلية على بناء قاعدة لطبقة عاملة مهنية تدير تشغيل المرافق العامة والخاصة باقتدار وكفاءة. ان استثمار رأس المال البشري هو الهدف لاي خطط تنموية ومع وفرة المال والمقدرة على تأهيل وتدريب وتوظيف هذه الكفاءات الشابة فإن التركيز عليها بما يكفل حسن استثمار طاقاتها له ابلغ الاثر في رفع معدلات النمو الاقتصادي والحفاظ على مكتسبات التنمية الحالية وضمان استمرار دوران العجلة الاقتصادية من خلال العنصر البشري الوطني الذي سيكون مستهلكا ثابتا بالاقتصاد ومقلصا لحجم المال المحول من العمالة الوافدة وكذلك مستثمرا ايجابيا بالاقتصاد يعيد توطين النقد محليا وكذلك يعزز من قدرة الانتاج الوطني.