رحل الأسبوع الماضي الكاتب جور فيدال المثير للجدل. كان فيدال يعشق أن يكون تحت الأضواء باستمرار كما يحب إقحام نفسه في السياسات الأمريكية كلما استطاع ذلك. كان يكتب ويتحدث غالبا عن السياسة وخاض الانتخابات مرتين. في عام 1960 خسر انتخابات الكونجرس كمرشح عن الحزب الجمهوري في دائرة نيويورك. وفي عام 1982 خسر انتخابات مجلس الشيوخ في كاليفورنيا. ولكن أشهر مشاركة له على المسرح السياسي كانت مسرحية «أفضل رجل» التي افتتحت على مسارح برودواي في نيويورك في مارس 1960 في الوقت الذي كان الحزبان الديمقراطي والجمهوري يشهدان الانتخابات التمهيدية لتحديد مرشح كل حزب في انتخابات الرئاسة التي جرت في نوفمبر من العام نفسه. وبالنسبة لهؤلاء الذين يعشقون الثرثرة والنميمة فقد كانت هذه المسرحية نوعا من السخرية. وقد أدرك الجمهور أنه يشاهد تصور فيدال عن الشخصيات الرئيسية في واشنطن: كانت الشخصية الفاضلة في المسرحية تمثل المرشح الديمقراطي أدلاي سيتفنسون والشخصية الشريرة كانت تمثل المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون وشخصية الرئيس الميت كانت محاكاة ممتازة للرئيس هاري ترومان. كما كان الرجل فخورا بانتمائه لعائلة كيندي العريقة. فقد كان ابن عم بالمصاهرة لجاكلين كيندي زوجة الرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي. وكان يعطي انطباعا قويا بأن هذا يعطيه سلطة على عائلة كيندي بالكامل وهو ما أكده في روايته «واشنطن دي سي». كانت له صلات اجتماعية مع الرئيس وزوجته في بعض المناسبات على الرغم من انه كان يعرف أن روبرت كيندي لم يكن يحبه (وكان هذا شعورا متبادلا). كان جور فيدال أكثر أمريكي معاديا لأمريكا. رجل من المستحيل أن تحبه ومن المستحيل أن تتجاهله. مقالاته وأحيانا رواياته عن واشنطن كانت تذكر بهنري آدامز الكاتب والروائي الأمريكي الذي عاش في الفترة من 1838 إلى 1918 واشتهر بكتاباته الروائية والتاريخية. وقد كان فيدال بالنسبة للقرن العشري مثل آدامز بالنسبة للقرن التاسع عشر في الولاياتالمتحدة. وقد كان الرجلان من أصول أرسطوقراطية ويرفضان الديمقراطية التي أقامها العوام غير المتحضرين. وقد وصف فيدال الكاتب نورمان بودهيرتز رئيس تحرير مجلة (كومينتري) لسنوات طويلة وزوجته ميدج ديكتر بأنهما «الطابور الخامس الإسرائيلي» وكان متعاطفا مع القضية الفلسطينية وشديد الانتقاد للعدوانية الإسرائيلية. وكان يرى أن السياسات الاستعمارية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط كانت السبب المباشر في هجمات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت نيويوركوواشنطن. وأضاف أن بوش كان يعلم تماما أن هذه الهجمات ستقع وتركها تقع لكي يجعل نفسه بطلا فيما بعد. وقد كتب فيدال نحو عشرين رواية ومجموعة من الأفلام السنيمائية وعددا من المسرحيات الشعبية إلى جانب سلسلة طويلة من المقالات النقدية اللاذعة. وعلى الرغم من أنها كانت ذاتية بصورة مؤلمة وغالبا ما كانت تمتلئ بقصص معاناته في عالم الصحافة، فإنها كانت من أكثر أعماله قراءة وتأثيرا. وقد كتبها فيدال كما كتب سيرته الذاتية الخيالية «جوليان» في أواخر أيامه. كانت سيرة حياته مقروءة على نطاق واسع وبها جهد بحثي جيد وذات منطق رائع. وتنبأ فيدال بأن أمريكا المسيحية سترفض كتابه. وقد كان يحب فشله قدر حبه لنجاحاته لأنه كان يثبت دائماً أنه متجه إلى أن يكون غريبا للأبد. وحقق كتاب جوليان نجاحا كبيرا ومبيعات واسعة وأظهر أن فيدال متمرد لم ينجح أبدا في أن يكون مكروها شعبيا. * (ناشيونال بوست) الكندية