كما كان متوقعاً و بسبب تأثير العوامل الجيوسياسية المتعلقة بتطبيق بعض الدول الغربية و في مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية و بعض دول الإتحاد الأوروبي للعقوبات الاقتصادية و فرض حظر اقتصادي بترولي على استيراد البترول الإيراني لهدف إرغامها على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية في برنامجها النووي المثير للجدل، ارتفع سعر برميل بترول برنت بحر الشمال في أسواق النفط العالمية بأكثر من 20% خلال شهر يوليو الماضي و الأسبوع الأول من شهر أغسطس الجاري حيث كان سعر برنت يلامس 90 دولار للبرميل في بداية شهر يوليو و ارتفع إلى أن وصل إلى أكثر من 112 دولار للبرميل في نهاية هذا الأسبوع. يعتبر هذا التأثير تأثيراً جزئيا وذلك كون البترول الإيراني أغلبيته يصدر إلى دول شرق آسيا التي لم تطبق هذا الحظر، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية و الدول المتعاونة معها لم تطبق هذا الحظر بالقوة العسكرية من خلال منع شحنات البترول الإيراني الذي يتم تصديره عن طريق الخليج العربي. الحقيقة أن جميع المؤشرات تشير إلى استمرار هذه الموجة العالية في الأسعار -نوعاً ما- على المدى القريب و ذلك لاستمرار هذه العوامل الجيوسياسية خلال نفس الفترة مع وجود تذبذب محدود نوعا ما ارتفاعا أو انخفاضا حتى تنتهي هذه الأزمة السياسية بين إيران و الغرب إما بالتعاون التام مع وكالة الطاقة الذرية مما سوف يؤدي إلى انخفاض الأسعار و استقرارها و هذا احتمال ضعيف، أو تطور النزاع بين الولاياتالمتحدةالأمريكية و الدول المتعاونة مها من جانب و إيران من جانب آخر مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول إلى معدلات عالية جداً قد تكون غير مسبوقة خاصة إذا تطور هذا النزاع إلى نزاع عسكري. المراقب لما يحدث في أروقت السياسة الدولية في هذه القترة الحرجة الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية و ما ينشر في بعض الصحف الدولية من تهديدات الغرب و الكيان الصهيوني الخاصة بالتهديد لضرب المنشآت النووية الإيرانية و ما يصرح به بعض الساسة الإيرانيين يجد أن الأمور تتجه إلى منعطف تشاؤمي أكثر من المنعطف التفاؤلي مما سوف يكون له دوراً رئيسيا على ارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية في الفترة الزمنية القادمة، مما يؤكد على أهمية العوامل الجيوسياسية و تأثيرها المباشر على أسعار البترول في الأسواق العالمية و تأثيرها السلبي على نمو الاقتصاد العالمي. فالمشكلة هنا لست مشكلة عرض و طلب و ليست مشكلة انخفاض في إنتاج و إمدادات البترول، بل مشكلة تأمين هذا الإنتاج و هذه الإمدادات أثناء عملية التصدير بواسطة ناقلات النفط العملاقة التي تنقل هذه الكميات عن طريق الخليج العربي مرورا بمضيق هرمز الإستراتيجي الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب و من خلاله تمر جميع ناقلات النفط المصدر من دول الخليج العربي و العراق و إيران. فأي نزاع عسكري يحدث في هذه المنطقة الحساسة قد يؤدي إلى ارتفاع سعر البترول إلى معدلات عالية جدا، مما سوف يكون له تأثيرا سلباً على اقتصاديات دول الخليج العربي و اقتصاديات دول العالم، خاصة دول شرق آسيا التي تعتمد على البترول المصدر من هذه المنطقة مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين على المدى القريب و البعيد على حد سواء. www.saudienergy.net