يقول سياسي بريطاني: كل الحروب تنتج عن دبلوماسية فاشلة!.. هذه المقوله تختزل القوة الكامنة للعمل الدبلوماسي كعمق يشبه البطانة التي تحمي الجسد الوطني.. ونتيجة للأهمية التي تكتسبها الدبلوماسية في التأثير في مسار العلاقات الدولية ومعالجة ازماتها تطورت الدراسات والأبحاث مستهدفة الرأي العام الذي يشكل العمق الحيوي للتأثير في صناع القرار السياسي.. ليس المجال هنا متاحا للتوسع في التفريق بين الدبلوماسية التقليدية والشعبية، ولكن تحسن الاشارة إلى الفرق الجوهري بينهما وهو ان الثانية لاتتعاطى مع الحكومات وإنما مع الافراد والمؤسسات الغير حكومية، كما ان نشاطاتها تعبر عن طيف من الاراء والمواقف الممثلة في المجتمع، هذا التمثيل المتنوع والمتوالي في مساحة التواصل يمنح العمق والقوة في التأثير، الأمر الذي يجعل خبراء الدبلوماسية يجمعون على أن أقوى أشكال التأثير على الساسة يأتي من خلال قلوب شعوبها. من حسن حظي أنني كنت عضوا في أحد اشكال الدبلوماسية الشعبية من خلال زيارة وفد الشباب السعودي إلى البرازيل قبل أكثر من عام - ضمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار-، وقد شاهدت بنفسي أثر هذه الدبلوماسية من خلال تواصل الشباب السعودي مع البرازيلي ومدى تأثير الانطباعات التي تركتها تلك الحوارات واللقاءات في المراكز والجامعات. يحدثني بعض الشباب الذين رافقوا الوفد أن دائرة التواصل اليوم تزداد وتتسع وان الفضاء الالكتروني يستقطب المزيد إليه، فالصورة عن العرب والمسلمين وخصوصا المملكة والشعب السعودي تتضح بشكل مغاير عن الانطباعات السابقة المترسخة من التشويه الإعلامي الذي عهدوه.. الدبلوماسية الشعبية ماتزال ذراعا قصيرة للمملكة وتفتقد إلى الرؤية الاسترتيجية والبرامج المتواصلة المؤثرة، وفي خضم الاستقطابات الشعبية التي تمارسها بعض الدول ذات الاجندات المعادية للمنطقة والعرب باتت اليوم الدبلوماسية الشعبية على رأس الأولويات، فإيران ذات التوجه الساعي إلى مد اذرعة النفوذ تسعى من خلال برامج مدروسة إلى اختراق المجتمعات التقليدية ذات التوجه المتصالح مع منطقتنا لغرس خارطة علاقات واولويات جديدة، كما ان اطرافا اخرى باتت تحاصرنا لتشكل الرأي العام في دول متصالحة معنا تقليديا. المؤسف اليوم ان لدينا مراكز تأثير راسخ وتقليدي يحاول الاخرون تحويلها ضدنا من خلال استثمار الاخطاء المشتركة بيننا وبينهم، فالشعوب الاسيوية المسلمة والصديقة التي تعيش وتعمل معنا تمثل مجالا حيويا خصبا لممارسة الدبلوماسية الشعبية والتواصل معها لإظهار حقيقة مواقفنا ومجتمعنا، ولكن مع الاسف نتيجة سوء ادارة لحدث او موقف ما تتحول هذه القوة إلى موجة من الهجوم والعداء الإعلامي تجعل كرة الثلج تكبر دون إدراك إلى الثغرات التي ينتظرها القناصة السياسيون من أصحاب الاجندات المعادية لنا. بالمقابل لدينا مخزون من أبنائنا الدارسين اليوم في كل أنحاء المعمورة شرقها وغربها لاتزال علاقتنا بهم مجرد ممول مالي ومنظم اداري لدراستهم دون برامج ومبادرات تجعلهم ذراعا قويا لدبلوماسية شعبية سعودية مؤثرة .. دمتم بود وإلى لقاء... عبر تويتر: fahadalajlan@