تعتبر المرحلة الثانوية مرحلة تغير ونضج، ووفقاً لنظرية أريكسون في النمو السيكولوجي فهي مرحلة يبدأ فيها تكون الشخصية للمراهق وتكون مشاعر استقلاله عميقة تقوده في نهاية هذه المرحلة إلى تحديد هويته.. وهي مرحلة أطلق عليها أريكسون اسم (أزمة الهوية) وإن فَضَلَ الباحثون تسميتها ب(استكشاف الهوية) فالمراهق في هذه الفترة يبدأ في البحث عن هويته وجوانب تشكيلها.. ويهمنا هنا أن نتعمق في الحديث عن فتياتنا فتيات المرحلة الثانوية فسيكلوجية الأنثى تختلف في بعض الجوانب عن سيكولوجية الذكر، وعصرنا الحالي مختلفٌ عمّا سبق فقد تلاشت الآن الحواجز وأصبح التواصل مع أنحاء العالم بسيطةً سهلاً سريعاً، وكذلك التواصل مع أفراد الجنس الآخر لم يعد كما كان سابقاً مغلفاً بالقيود والعوائق، فعبر صفحات الإنترنت يتبادلون أطراف الحديث، وعبر رسائل البريد الإلكتروني وصفحات Facebook وTwitter يتبادلون الأفكار، وبدأ المجتمع ينفتح أكثرَ من ذي قبل. وبدأ في هذا العصر ظهور الأسرة النووية وتلاشي الأسرة المتشعبة، فكل بيت مكون من الأب والأم وأطفالهما فقط، وليس كما كان سابقاً بيتٌ يجمع الأهل كلهم فأبٌ وأمٌ وجدٌ وجدةٌ وعمٌ وأبناء عمٍ وبنات عمٍ، فأصبح صعباً الآن أن تنقل أسرة عادات العائلة عن طريق النمذجة والمحاكاة -كما كان سابقاً- فالآن لم يعد هناك نمذجة سوى في الأب والأم، وتأثيرات عواملٍ اجتماعية أخرى.. كل هذه عوامل تكسب شخصية الجيل الجديد عموماً وفتياتنا خصوصاً تمرداً ما عهدناه سابقاً، ونبدأ في الحديث عن عنادهن واستهتارهن وعدم القدرةِ على كبح جماح أفكارهن.. فعلينا في هذه المرحلة الحرجة والتي بعدها سوف تتحدد شخصيتها أن نوجهها ونكسبها وننتشلها من بحرٍ تتخبط هي فيه من كثرة الأفكار والمقترحات التي تصل إلى مسمعها كل ذلك يجب أن يتم بأسلوب يناسب تفتح هذا الجيل، لا أن نلقي عليها الأوامر ونطالبها بالتنفيذ مدعين بأننا أعلم منها، فذلك لن يكسبها سوى المزيد من العناد والتمرد؛ فتحاول من خلال تصرفاتها المعارضة والطائشة أن توضح لنفسها أن لها شخصية مستقلة قوية.. فأفضل ما يقترح في هذه الفترة هو اللين والمصاحبة وانتقاد الفكرة لا انتقاد شخصيتها وأسلوبها، وذلك لكسبها وترويض تمردها حتى تصل في نهاية هذه المرحلة بإذن الله إلى بر الأمان، فتتشكل لها شخصية قوية مستقلة قائمة على قواعد صحيحة متينة، لا شخصيةً هشة سهلة الانقياد.. * ماجستير علم النفس