بدأ بعض التجار بالتلميح الى رفع أسعار المواد الغذائية مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، وبدأت بالفعل وسائل الإعلام المقروءة رصد ارتفاع بأسعار بعض المواد الرئيسة كاللحوم وغيرها. طبعاً الحجج والأعذار التي يتم تقديمها لتبرير الأسعار لا تعدو أن تكون أكثر من غطاء لهذه الارتفاعات، فما الذي تغير في واقع السوق؟ التكاليف والسوق والظروف التجارية كلها ثابتة بل إن الأسواق العالمية تشهد تراجعاً في الأسعار نتيجة تراجع الطلب العالمي وزيادة الإنتاج من السلع الغذائية، كما أن زيادة الطلب المحلي في شهر رمضان لا تعني بالضرورة رفع الأسعار، فباب الاستيراد مفتوح على مصراعيه ومن مختلف دول العالم، هذا بخلاف الإنتاج المحلي وأيضاً وفرة المخزون لدى التجار محلياً. وبذلك لا يكون رفع الأسعار بهذا التوقيت إلا استغلالاً لهذه المناسبة العظيمة، فالله سبحانه وتعالى يغدق العطاء لعباده المؤمنين ويسجل لهم الأجر مضاعفاً إلا أن بعض التجار يرونه فرصة عظيمة لرفع أرباحهم دون منطق وسبب جوهري، فعملية توقيت التغير في الأسعار للأعلى ليست بأكثر من جشع وطمع لابد من التحرك ضدها بعدة طرق، ونعلم أن وزارة التجارة تبذل جهوداً كبيرة في ذلك ولديها معلومات كاملة عن واقع السوق مخزوناً واستهلاكاً، وقامت وتقوم بفرض عقوبات صارمة على من يتلاعبون بالأسعار، ومؤخراً عاقبت شركات تجزئة كبرى كما أن وزارة الداخلية طلبت من وزارة التجارة تزويدها بأسماء التجار الذين يقومون برفع الأسعار لتوقيع مخالفات ضدهم تطبيقاً لما اتفق عليه من تنسيق بين الوزارتين، ولابد أن نسجل سرعة تجاوب وزارة التجارة مع أي شكوى ترد لهم من المواطنين وبمتابعة من معالي الوزير، ويستطيع أي مستهلك يواجه حالة استغلال تجاري أن يبلغ الوزارة بطرق مختلفة ويتم التعامل معها مباشرة. وهنا لابد أن يكون المستهلكون أكثر تفاعلاً بتقديم الشكاوى والإبلاغ عن أي مخالفات تواجههم سواء برفع الأسعار المفاجئ وكذلك أي غش بجودة المواد وصلاحيتها فدور المستهلك أساسي في ضبط السوق ليس فقط من باب الشكاوى وحسب بل أيضاً بتعامله مع استهلاكه بواقعية وعدم المبالغة بشراء وتخزين المواد الغذائية، فكل السلع متاحة وفي كل الأوقات والمحلات كبيرها وصغيرها، تتوزع بمختلف المدن والقرى بكثافة مما يتيح سهولة الحصول على الاحتياجات الاستهلاكية بيسر وسهولة، فاعتدال المستهلك بطريقة شرائه تساهم بصدمة إيجابية تجبر التجار على عدم رفع الأسعار، فهل شاهد أي مستهلك طيلة العام وفي أي شهر نقصاً في مادة غذائية؟ وهل شهر رمضان الكريم هو للأكل ام لعمل الخير وكسب الأجر والثواب؟ كما أن التجار والكبار منهم لابد أن يقوموا بحملات إعلامية تسهم بتوعية المستهلك بمعلومات السوق والتوعية بأن الشهر الفضيل للصوم وليس الاستهلاك كجزء من شراكتهم ودورهم بالاقتصاد الوطني ليكمل الدور التوعي الذي تقوم جهات حكومية في هذا الجانب سواء بإعلانات مباشرة او رعاية الحملات الإعلامية التي تصب بهذا الاتجاه. ولا غرابة إن قامت الشركات المختصة بالسلع الغذائية بذلك، فشركات التبغ تضع عبارات تحذير على منتجاتها، وما زيادة الاستهلاك او الاندفاع لتكديس السلع الغذائية من قبل الأسر بأقل ضرراً على المجتمع سواءً مادياً او صحياً من التبغ. شهر رمضان الكريم يجزل فيه العطاء وفرصة كبيرة لتعظيم رصيد المسلمين من الأجر والحسنات واستثمار أوقاته لابد أن يكون بما فيه خير المسلم والابتعاد عن الأجواء الاستهلاكية المبالغ فيها والضارة. وكل عام وأنتم بخير.