تحيل الجهات الرقابية المختصة، وهيئة الرقابة والتحقيق خصوصاً، ما يعادل موظفاً كل يوم إلى ديوان المظالم في قضايا الفساد المالي والإداري، وذلك حسب الإحصائيات الرسمية؛ حيث تحيل الهيئة نحو 360 موظفاً سنوياً. وخلال الفترة من 1426ه إلى 1430 ه تم ضبط 58.4 ألف قضية فساد مالي وإداري، منها 51 ألفاً عن طريق هيئة الرقابة والتحقيق، والمباحث الإدارية 6651 قضية. وتكشف الأرقام وفقاً لدراسة الدكتور حامد بن داخل المطيري - وهو متخصص في دراسة قضايا الفساد - الجهود الحكومية لمواجهة هذه الظاهرة، التي توجتها بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة). ووفقاً للمطيري فإنه رصد في دراسته الخاصة عن الاقتصاد الخفي في المملكة أوجهاً عدة للفساد في المملكة، تصدرتها قضية الرشوة، التي سجلت 9567 قضية، منها 6773 ضبطت من قِبل هيئة الرقابة والتحقيق، و2794 من قِبل المباحث الإدارية، وبلغ عدد المتهمين 11652 متهماً، نسبة الأجانب منهم 66 %. وحلّت قضية التزوير في المركز الثاني؛ حيث ارتفعت من 823 قضية في عام 1421 إلى 17992 خلال عام 1430ه، أغلبها تتعلق بتزوير دفاتر الإقامات وتأشيرات الخروج، وتأشيرات العمرة، والجوازات المزورة، والأختام، وكان 79 % من المتورطين من الأجانب. وكانت الجزيرة قد نشرت الأسبوع الماضي تفاصيل الدراسة التي قدرت الاقتصاد الخفي في المملكة بما بين 16 % و25 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني أنه بحدود 236.5 مليار ريال، قياساً بالناتج المحلي لآخر سنة للدراسة التي غطت فترة 40 عاماً من 1400ه إلى 1430ه (1970 إلى 2009). وعرفت الدراسة التي أجراها الباحث حامد بن داخل المطيري، وحصل خلالها على درجة الدكتوراه بامتياز مع توصية بنشر الرسالة من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى، الاقتصاد الخفي بأنه: «مجموعة الأنشطة الاقتصادية غير المعلنة، التي يقوم بها أفراد أو جماعات في شكل مؤسسات صغيرة الحجم غالباً، تقدم سلعاً وخدمات لها قدرة تنافسية، لا تدخل ضمن الحسابات القومية، سواء كانت تلك الأنشطة الاقتصادية مشروعة كالمهن الحرفية، أو غير مشروعة كتجارة المخدرات، وجميعها أنشطة تتولد عنها دخول حقيقية أو ضمنية لا تخضع لرقابة السلطات الاقتصادية». وأظهرت الدراسة أن أبرز مكونات هذا الاقتصاد توالياً: الفساد المالي والإداري، المخدرات، التستر، التهرب الضريبي، والتسول، وأن حجم هذا الاقتصاد متزايد عبر الزمن، وتتراوح تقديراته بين 16 و25 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهي تقديرات تقول الدراسة إنها تقارب التقديرات الدولية المتاحة عن المملكة. وقالت الدراسة إنه يترتب على كثير من الأنشطة الخفية غير المشروعة مساوئ عدة على المستوى الأمني، تتفاعل فيما بينها محدثة اضطراباً في الاستقرار الأمني، وهو الأمر الذي ينعكس سلباً على بقية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.