بعد تصفية «البنك اللبناني الكندي»؛ لتورطه في أعمال شبكة دولية لغسل الأموال وتجارة المخدرات العام الماضي، وجهت وزارة الخزانة الأمريكية ضربة جديدة موجعة لعمليات «حزب الله» في أمريكا الجنوبية، بإعلانها «فرض سلسلة من العقوبات ضد أربعة لبنانيين بتهمة تبييض الأموال وتهريب المخدرات وتهريب العائدات المالية إلى الحزب عبر القطاع المالي اللبناني». الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات على أحد اللبنانيين بتهمة «استخدام منصبه مديراً لفرع أحد المصارف اللبنانية لتسهيل تحويل الأموال بهدف غسلها»، ومن ثم استغلالها لتمويل أنشطة الحزب. جريدة «الوطن» الكويتية التي أوردت الخبر نقلت عن مصادر سياسية لبنانية قولها: «إن قرار وزارة المالية الأمريكية فرض عقوبات ضد أربعة لبنانيين بتهمة غسل الأموال وتهريبها إلى حزب الله يشكل ضربة للقطاع المصرفي اللبناني». يمتلك حزب الله شبكة معقدة من العملاء حول العالم متخصصة في غسل أموال المخدرات، وجمع التبرعات وإعادتها إلى الحزب من أجل استغلالها في الصرف على عملياته الإرهابية. عملاء الحزب باتوا أكثر تغلغلاً في بعض الدول الخليجية، يتسترون بأنشطتهم التجارية، ومكانتهم الاجتماعية؛ ينشطون في جمع الأموال من الأتباع، وغسلها، وإعادة تحويلها إلى حسابات الحزب الخارجية حيث تُستغل في ضرب دول الخليج من الداخل، وضرب شعوب الحكومات الموالية لإيران. المال عصب العمليات الإرهابية، والوسيلة الناجعة لتجنيد العملاء والسيطرة عليهم، وفي الآونة الأخيرة أصبح المال القذر وسيلة لتجييش الشارع وحشد المعارضين، وحملهم على الاعتصام مدفوع الأجر. ما حدث في بعض دول الخليج من قلاقل وتخريب ومحاولات انقلاب لم يكن ليحدث لولا الدعم المالي، التقني، واللوجستي، من حزب الله وإيران. وما يهمني في هذا الجانب هو الدعم المالي الذي يساهم في توفيره مواطنو بعض دول الخليج. عندما تحدثنا عن تمويل «القاعدة» أشرنا بوضوح إلى الزكوات وأموال المحسنين التي أُسيء استخدامها بتوجيهها لتنظيم القاعدة الذي استغلها في عملياته الإرهابية ضد السعودية. نحن أمام أمر مشابه لما حدث من قبل؛ فالأموال التي تتحصل عليها إيران من بعض أتباعها في الخليج يتم توجيهها إلى حزب الله والحرس الثوري من أجل استغلالها لضرب استقرار دول الخليج وتفتيتها من الداخل. التمويل المباشر من قِبل بعض رجال المال والأعمال في الخليج بات مصدراً من مصادر تمويل حزب الله والحرس الثوري وعملياته القذرة في الداخل والخارج. وزير داخلية مملكة البحرين، الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أعلن أمس الأول «ضبط معمل لخلط المواد المتفجرة وتخزين كميات كبيرة من مواد كيماوية، دلت نتائج الاختبار الميداني على أنها على درجة عالية من الخطورة؛ بسبب ما تحدثه من انفجار شديد وما توقعه من آثار تدميرية». نحن نتحدث عن خلايا إرهابية منظمة، تقف خلفها إيران بأجهزتها المختلفة، بما فيها حزب الله، وتمدها بالأموال والتقنية والخبرات الاستخباراتية. البحرين أعلنت في أكثر من مناسبة عن تمويل خارجي ودعم لخلايا إرهاب نفَّذت عمليات في الداخل. غالبية دول الخليج تحتضن خلايا نائمة مجندة من قِبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وهي ربما انتظرت الأوامر لتنفيذ أعمالها الإجرامية، مستعينة بما يصل إليها من دعم مالي ولوجستي في الداخل والخارج، وهو الدعم الذي يُعتقد أن بعض دول الخليج مصدر له! لا نحتاج إلى من يكشف لنا نوايا إيران وأتباعها، أو ما يضمره الغرب من شر ومكر لدول الخليج، وإن أبدوا عكس ذلك؛ فإيران نجحت في السيطرة على العراق، ولم يكن الأمر مصادفة، بل هو أمر دُبِّرَ بليل مع قوى عظمى، وأخشى أن تنتهي مسرحية المواجهة بين الغرب وإيران إلى السماح لها بالتمدد، أو المواجهة المفتعلة لتحقيق أهداف استراتيجية قذرة. سقوط النظام السوري سيكون له توابع إرهابية ولا شك؛ ما يفرض على دول الخليج أخذ الحيطة والحذر ومواجهة الخطر بحزم وشفافية مطلقة. عوداً على بدء، لا أستبعد توجيه الخزانة الأمريكية مستقبلاً اتهامات لبعض المصارف الخليجية بسبب عمليات غسل أموال وتمويل إرهاب، قد لا تكون على علم مسبق بها، إلا أن تهاونها في تطبيق معايير الرقابة الدولية قد يجعلها مسؤولة عنها. التدفقات القذرة الصادرة لإيران وحزب الله، والواردة لخلاياها النائمة وأتباعها، ستتسبب في الإضرار بسمعة بعض القطاعات المصرفية الخليجية، خلافاً لما ستتسبب به من أضرار أمنية فادحة لدول الخليج. [email protected]