تعددت الأسماء وتنوعت الاختيارات واستمرت المفاوضات وحسم الهلال أخيراً أهم ملفاته للموسم المقبل وهو مدرب الفريق، والذي يتعلق بحسمه أكثر من ملف آخر كدراسة وضع الفريق واحتياجاته وعليه سيكون تقييم وضع أجانب الفريق الحاليين وبيع المتفق على رحيله والتفاوض مع أسماء أخرى في مراكز أكثر أهمية كقلب الدفاع مثلاً، والذي أصبح ضرورة ملحّة بعد رحيل الصخرة أسامة هوساوي إلى أندرلخت البلجيكي. وبعد مفاوضات ماراثونية وتكتم هائل من الإدارة وعدد كبير من الأسماء المرشحة، خرجت الأنباء مفيدة أن الهلال استقر على أحد هذه الأسماء: الأرجنتيني خورخي سامباولي، والبرتغالي مانويل جوزيه، والفرنسي أنطوان كومبواريه والذي بات مدرباً رسمياً للهلال. «الجزيرة» تقدم تفاصيل المدرب الهلالي الجديد الفرنسي «أنطوان كومباريه». من هو أنطوان كومبواريه؟ ولد أنطوان كومبواريه عام 1963م في نوميا عاصمة إقليم (كاليدونيا الجديدة)، وهي جزيرة تابعة لفرنسا وتقع في منطقة أوقيانوسيا جنوب شرق القارة الأسترالية، عشق الكرة منذ كان يافعاً وتحققت أمنياته بدخول عالم الكرة الاحترافية كقلب دفاع في فريق نانت الفرنسي وهو لايزال بعمر 19 عاماً، وأمضى مع نانت قرابة الثمانية مواسم، لعب له خلالها أكثر من 170 لقاءً، قبل أن يلفت انتباه كشافي أكبر الفرق الفرنسية، وكان قد انتقل إلى العريق باريس سان جيرمان بعد نهاية مونديال إيطاليا عام 1990. الخوذة الذهبية تلمع في باريس وفي حديقة الأمراء -كما يسمى ملعب الباريسيين- عاش كومبواريه أجمل مراحل حياته الكروية، وأمضى مع السان جيرمان خمسة مواسم رائعة تخللتها لحظات خاصة عرفه من خلالها الفرنسيون، كلقطة الرأسية القاتلة التي أسكن بها الكرة شباك عملاق أوروبا نادي ريال مدريد الإسباني في ربع نهائي بطولة أوروبا موسم 1992، ولم يكن ذلك الهدف وتلك الرأسية القاتلة مصادفة، بل تكررت غير مرة وكلها في أوقات قاتلة ولحظات حاسمة، مما جعل عشاق السان جيرمان يطلقون عليه لقب (الخوذة الذهبية). في موسم 1994، وتحديداً خلال دور ال8 من دوري أبطال أوروبا، حمل كومبواريه شارة قيادة باريس أمام من؟!، أمام فرقاطة الجنون الكاتالونية، أمام برشلونة يوهان كرويف ذلك الفريق الحديدي، وقدم الفريق الفرنسي مباراة خيالية أقصى من خلالها الفريق الإسباني بنتيجة 2-1، وتأهل إلى دور الأربعة ملاقياً العظيم الآخر إيه سي ميلان الإيطالي لتنتهي رحلة ممثلي الديوك هنا. ومع باريس، حقق أنطوان لقب الدوري الفرنسي موسم 94 فيما حل ثانياً موسم 93، كما حقق بطولة كأس فرنسا مرتين عامي 93 و95، كما حقق بطولة كأس الدوري موسم 95 أيضاً. وكان عام 1995 ختام المسك والموسم الذي ودع فيه كومبواريه عاصمة النور مفضلاً خوض تجربة جديدة خارج الديار، فاختار الانتقال لنادي سيون السويسري وقاد دفاعاته خلال 25 مباراة في موسم 1996 وحقق معه لقب كأس سويسرا في نفس الموسم، قبل أن ينتدبه المدرب الاسكتلندي روي آيتكن إلى نادي أبردين مستفيداً من خبرته المميزة في تقوية دفاع الفريق الهشّ آنذاك، ليلعب له قرابة الخمسين مباراة خلال موسمين قبل أن يعقد العزم على الاعتزال والالتفات للتدريب الفني. التحدي الجديد.. تدريب النادي الحلم نظرا لكومة الذكريات التي حملها أنطوان لنادي باريس سان جيرمان، فقد كان يتمنى أن تكون حديقة الأمراء هي محطته التدريبية، وقد تحقق له ذلك (جزئياً) حين اتفق معه النادي على تدريب رديف الفريق الأول لمدة 4 سنوات، وذلك قبل أن تظهر لمساته وتغري نادي ستراسبورغ للتعاقد معه عام 2004م، وقدم معه مستوى طيباً مقارنة بكونه في بداياته التدريبية، واضطر لتركه نظراً لضعف إمكانات الفريق وعدم الاتفاق مع الإدارة حول المستقبل، ليختار تحدياً جديداً هو تدريب نادي فالنسيان الفرنسي الذي كان ضمن أندية الدرجة الثانية آنذاك، ليشرف على قيادته الفنية بين عامي 2004 و2009، ويقوده شيئاً فشيئاً إلى الاستقرار الفني وليحقق معه لقب دوري الدرجة الثانية موسم 2006 ويصعد به إلى الدوري الفرنسي الممتاز بعد غياب دام 13 سنة وليبقى ضمن فرق (الليغ 1) حتى الآن. مع بداية موسم 2009 قررت إدارة باريس سان جيرمان التعاقد مع كومبواريه ليقود مرحلة التجديد والعودة بعد مواسم التيه، فأمسك أنطوان زمام الأمور وقدم موسماً أول عادياً، قبل أن يقدم معه أبناء عاصمة النور موسماً أفضل عام 2010 ليحتل باريس المركز الرابع وليحقق كأس فرنسا، ويقدم بوادر تدعو للتفاؤل بموسم قادم أفضل، إلا أن رياح السان جيرمان أتت بما لم تشتهه سفن أنطوان؛ حيث قامت شركة الاستثمار القطرية بشراء النادي في صفقة كبيرة جداً، وعيّنت البرازيلي ليوناردو (لاعب ميلان ومدرب ميلان وإنترميلان الإيطاليين سابقاً) ليكون المدير الإداري للفريق بصلاحيات هائلة أحدثت شرخاً كبيراً بينه وبين المدرب الأسمر. كان الموسم المنصرم 2011 جيداً إلى حد كبير لباريس مع كومبواريه؛ فقد استمر في صدارة ترتيب الدوري وحل وصيفاً في كأس فرنسا وشارك في بطولة الدوري الأوروبي، إلا أن الفريق كان يعاني في البطولة الأوروبية وتعرض لأكثر من هزيمة محلية في منتصف الموسم، مما حدا بالمدير البرازيلي ليوناردو إلى تعزيز فكرة إقالته حيث كانت الإدارة الجديدة ترغب في جلب اسم كبير ليقود الفريق فنياً، ووقع اختيارهم على الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي آنذاك، الذي لم ينجح في المحافظة على الصدارة التي ترك كومبواريه النادي عليها، ليخسر سباق الدوري في الدقائق الأخيرة منه لصالح منافسه الصبور مونبلييه. امتاز كومبواريه بقوة الشخصية وحسن الإدارة الفنية، والجمع بين الصرامة وكسب ود اللاعبين، وكان ذلك واضحاً في تجربته مع باريس حينما خرجت التقارير مؤكدة استياء نجوم الفريق من فكرة رحيله واستبداله بمدرب آخر، وهو ما يحتاجه نادي الهلال حالياً، لكن السؤال الأهم هو: هل يخدم عامل التوقيت كومبواريه لتحقيق ما يتمناه بنو هلال إن كان هو فعلاً مدربهم القادم؟.