صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لم يكن تعيينه من قِبل والده المغفور له الملك عبدالعزيز أميراً للرياض وليد مصادفة؛ فالملك عبدالعزيز يعي جيداً ماذا يفعل، ولاسيما أن المملكة العربية السعودية في مرحلة التأسيس والبناء، والرياض تعني الشيء الكبير بالنسبة له. الأمير سلمان ابن التاسعة عشرة عاماً حينما امتطى صهوة إمارة الرياض كان على وعي تام بما يريده والده منه. خمسة وخمسون عاماً قضاها سموه في قصر الحكم، ذلك القصر الذي شهد منجزات سياسية وإدارية واقتصادية وإنمائية، شهد عدالة حكم وتطبيق شريعة وتخطيطاً لمستقبل زاهر أوصل المملكة العربية السعودية إلى ما آلت إليه، وشهد محاورات سياسية لكثير ممن زار مدينة الرياض من ملوك ورؤساء وأمناء مدن دول العالم. قصر الحكم في الرياض ليس إمارة فحسب بل شاهداً على مآثر وإنجازات وجامع شمل وحلّال عقد. قصر الحكم في الرياض ليس إمارة فحسب بل مبايعة حكم؛ فملوك المملكة العربية السعودية أخذوا البيعة فيه، ولولي العهد سلمان بصمات في ذلك كله. سلمان بن عبدالعزيز شقيق وصديق ومستشار وأمين سر الملوك (سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله) رحم الله ميتهم وغفر لهم، وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين وسدده. توفي الملك خالد -رحمه الله- وسلمان الوفاء في جواره، والملك فهد وهو بجانبه، والأمير سلطان وهو يحتضنه، والأمير نايف وهو يتابع حالته. ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز لم يكن اختياره من قِبل الملك المحنك صاحب التجارب والرؤى والفكر السياسي وليد مصادفة أو انفعال؛ إذ إن خادم الحرمين عبدالله بن عبدالعزيز كما هو حال والده المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن يدرك تماماً أن الوقت لا يقتضي مجاملة أو مواربة، يضع الرجل المناسب في مكانه، والسيف في نصاله، فسلمان الوفاء والحب والعطاء والسياسة والإدارة والإنجاز والثقافة والتاريخ والأدب عرَّاب المعضلات، تشرَّب ذلك منذ أكثر من خمسة وخمسين عاماً، التصق خلالها بالملوك وأولياء عهودهم، وعايش معضلات داخلية وخارجية، وكان له بصمات واضحة المعالم فيها. عملتُ مع صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إبان عمله في إمارة الرياض؛ حيث شرفتُ بالعمل معه خلال عملي بهيئة التحقيق والادعاء العام؛ فكان نِعْم الموجِّه، كان متيقظ الذهن، حاضر البديهة، ملمًّا بالأنظمة والتعليمات، سوء كانت شرعية أو قانونية أو نظامية، منحه الله البركة في الوقت؛ تجده في مكتبه وفي مجتمعه لا ينفصل عنه. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون خير خلف لخير سلف، وأن يعينه ويسدده، وأن يجعل الخير يسير على يديه، وأن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأن يحفظ لنا أمننا وإيماننا وولاة أمورنا.