من المألوف والمعروف أن الفنان بطبعه غريب الأطوار فهو يتعامل مع الأشياء من منظوره الذهني والفكري بشكل غير منطقي لكونه يستعمل الفص الأيمن من العقل وهذه الطريقة في التفكير تجعله يعالج الموضوع من العمق فيجزئه ويبعثره متجاوزا كل ما هو منطقي ومن ثم يبدأ بإعادة تحليله واستنتاج نتائج وإجابات لم تكن بالحسبان إذن هي عملية التفكير الإبداعي التي تتجاوز كل الأرقام والقيم والأعراف. ولربما تساءلت عزيزي القارئ لمَ كل هذه المقدمة؟ لأقول لك: إنني رأيتها في أعمال الفنان التشكيلي صالح العليان بلوحاته التشكيلية المقلوبة، المثال الحي على قولبة الفص الأيمن بالأعمال التشكيلية، فتلك اللوحات تعكس لنا تلك النتائج غير متوقعة من خلال خيال مفعم بالحس اللوني تجعل الرائي يتسمر أمام اللوحة وكأنها رواية ليس لها نهاية ويلعب بنا بالمنظور لنجد تفاصيل دقيقة أدق من الشعرة وألوانها تبعث الحميمية بلغة راقية وبلاغة متناهية في التعبير باختزال الفكرة بشخوصه الإنسانية تارة بحالة تأمل للأفق وتارة أخرى بحالة انعطاف على الذات يجمع المتناقضات بإرهاصات شعرية ملموسة ومفقودة في الوقت ذاته ليقف بنا عند علامات التعجب والاستفهام مبحرة في أمواج من التساؤلات لنتفاعل معها بالبحث عن إجابات مختزلا داخل إطاراتها الخشبية عناصر الخيال وعنفوان الواقع لنجد كيانات البيوت القديمة معتصرة بدماء القلب وفي إطارها السفلي تتبعثر شخوصه وكأنها بحالة اختلاف ذهني عن مفهوم واقع حياتنا المقلوب ليسقط من الإطار العلوي ذلك الشخص المتمرد وسط اللوحة كاسرا مبدأ لا أرى لا أسمع لا أتكلم، ثم يعود بنا إلى حافة اللوحة يقف في زاويتها مديراً ظهره لكل محاولاته الإسعافية لإحياء مفاهيم سخرية القدر التي أنبتت أشجاراً يابسة في أرض يائسة لنعود إلى نقطة البداية بأحجية اللوحة المقلوبة بيقين مطلق أنها بداية فنان قادم من عمق الصحراء العربية ينثر غبار الرمال بقدميه العاريتين فتترسخ آثاره بذهنية التشكيل السعودي. [email protected] twitter@jalalAltaleb