الربيع العربي وما أعقبه من التغير السريع دفعنا لمراقبته بذهول وشغف تارة، وتارة أخرى بتعجب واستفهام، فالمؤثرات الناتجة عن هذا المنعطف الربيعي على ثقافتنا وفننا بات واضحا، منها الفنون بصفة عامة والفن التشكيلي بصفة خاصة فهناك من ركب هذه الموجة وهناك من انطفأ وغرق بعجزه عن السباحة في ركوب موجة. وليكن فن البوستر (الإعلان) بطل هذا المسرح الكبير بعد أن كان مهملا مهمشا بين الشخوص والمشاهد ليخرج لنا بالمشهد الأخير معلنا (فن الثورة) وومن يتابع الصفحات والقروبات بمواقع التواصل الاجتماعي المختصة بالثورات العربية يجد في إبداع البوستر أو فنون الإعلان، إبداعا مذهلا ومؤثرا مواكبا للاحداث كل في موقعه تأثرالفنانين بها وأثروا فيها، فكان لها هذا الكم من المشاهدات وردود تفوق المئتي ألف مشاهد إن لم يزد خلال أربع وعشرين ساعة، دلالة على تفاعل الناس وتأثرهم بهذا الفن. ولو عدنا لبداية هذا الفن ونموه وتطوراته نجده بدا في القرن الثامن عشر في فرنسا وكان يسمى آنذاك فن الأفيش الإعلاني على الجدران، تزامن ظهوره مع ظهور الرسومات في المجلات والصحف، ومن ثم انتشر في باقي أوربا وأمريكا وفي ستينيات القرن الماضي وقد مر هذا الفن بمنعطف او مرحلة انتقالية على يد الفنان العالمي الأمريكي روبرت ماك جينيس الذي يلقب بدافنشي الأفيش . وعندما ظهر الكمبيوتر وبرمجياته فكان هذا الفن اقرب تجانسا وتجاوبا معها من الفنون الأخرى فأنتج لنا البوسترات الإعلانية و بوجود أرشفة عالية جدا من الصور على الإنترنت والبرامج والوسائط المتعددة فتحول من بوسترات إعلانية وتوعوية إلى بوسترات تحريضية وثورية فكان أميز ما عبر عن الثوار والثورات العربية هذا الفن العملاق الذي فهم وتفهم كيف يكون بعالم الفن الرقمي والمفاهيمي في ظل تخاذل الفنون الأخرى واللوحة « الكانفس « ليجد الفنان ضالته المنشودة بلوحات لا يراقبها نظام أو مجتمع بعد أن تحولت جدران الأفيش القديمة إلى الفيس بوك والتويتر لتتنفس الحرية في فضاء لا متناهٍ. [email protected] twitter@jalalAltaleb