يوم الاثنين الموافق 7 رجب 1433ه، يوم تجاذب فيه الإعلاميون أطراف الحديث في خبر شنّف آذانهم، يوم أن نقلت الأخبار نبأ تحويل نشاط الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية إلى هيئتين عامتين، ترتبطان إدارياً بوزير الثقافة والإعلام، ويكون لهما مجلس إدارة يرأسه وزير الثقافة والإعلام، ويضم في عضويته ممثلين من عدد من الجهات الحكومية واثنين من أصحاب الرأي والخبرة، يتم تعيينهما بقرار من مجلس الوزراء، هذا القرار السيادي، انتظره المهتمون في الشأن الإعلامي الوطني بفارغ الصبر، كلنا نتذكّر قرار مجلس الوزراء في 2005م - على ما أظن - القاضي بتحويل هذه المنابر الإعلامية إلى مؤسستين، وكلنا نتذكّر يوم تعيين الدكتور عبد العزيز خوجة وزيراً للثقافة والإعلام، ما هي إلاّ فترة بسيطة لا تذكر، حتى أعلن معاليه عن حرص القيادة الرشيدة على تحويل هذه الأجهزة إلى مؤسستين والوزارة ماضية في ذلك، تناغماً مع حرص الدولة على أهمية دور هذه الوسائل الإعلامية، متى ما منحت مساحة كافية في الانطلاق دون قيود مالية تكبلها، بعد وعد الوزير خوجة وتأكيده بقرب تفعيل هذا القرار ومضي بعض الوقت، شكّك - من شكّك - على صدق هذا التوجُّه، وعدّه البعض استهلاكاً إعلامياً ليس إلاّ! أصحاب هذا التشكيك لم يبنوا شكّهم على أساس من الواقع، وكأنهم لا يعيشون في هذا العالم الذي يفرض هذا التوجُّه، بسبب بسيط، أنّ الإعلام بات من السلطات المسيطرة على العقول والمشكّلة لها، والثورات العربية المعاصرة تؤكد ذلك، نحن في دولة عصرية يقودها ملك الإصلاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - حفظه الله - تسير في خطى ثابتة ومدروسة، لتحقيق كل ما من شأنه اللحاق بركب التطوُّر والتحديث، بعيداً عن الانغلاق، هاهي توجُّهات القيادة الصادقة تتحقق، وهاهي أقوال الوزير خوجة وتصريحاته المتكررة لوسائل الإعلام نحو هذا التوجُّه، تصدق، السياسة الإعلامية للمملكة لن تتغيّر بتغيُّر الوسائل والكيفيات، هذه السياسة التي صيغت وفق منهج شرعي خالص يسمح بالتمدُّد دون الانقطاع، قامت كغيرها من سياسات الدولة على الكتاب والسنّة، تتمثل الوسطية ونبذ العنف والكراهية والعنصرية والقبلية والتسامح، إعلامنا السعودي بكافة وسائله، مثال يحتذى في المحافظة على هذه المقوّمات الأساسية التي تزيد من اللحمة الوطنية، يكرّس وشائج الأخوّة والمحبة بين أفراد المجتمع، من وجهة نظري، فإنّ هذه الخطوة الجريئةن الدولة في تحويل هذه المنابر إلى هيئتين عامتين، ستعمل على تحقيق أهداف نبيلة، طالما كانت حلم القيادة، هاتان الهيئتان، ستعملان على تحقيق أمر إيصال رسالة المملكة السامية، لجميع مناطق المملكة وأنحاء العالم بالكلمة الصادقة، والأسلوب الحديث، وفوق ذلك، سترفع من مستوى الأداء البرامجي والتلفزيوني بشكل احترافي بعيداً عن النمطية والتقليدية، بحكم أنّ هاتين الهيئتين ستمنحان مرونة كاملة وميزانية مالية منفصلة، لمواجهة متطلّبات العمل الإعلامي الاحترافي المتجدّد، في ظل هذا العالم المضطرب، مما يمنح المملكة حضوراً إعلامياً مميزاً ومتجدداً، يجسّد مكانتها الدينية وسياستها المتزنة وأدوارها الفاعلة والمؤثرة في شتى الجوانب، إقليمياً وعربياً ودولياً، وأظن أنّ وكالة الأنباء السعودية قد فتح لها المجال الانطلاقي الرّحب، لتجد نفسها في سياق وكالات الأنباء العالمية المشهورة والرائدة وسباق معها، قيادتنا الرشيدة تدعم منظومة الإعلام السعودي دعماً غير محدود، ومن حسن الطالع أنّ هذا التحول والانقلاب في الإعلام السعودي، تجسّد في حقبة الدكتور خوجة النشط، الذي سيعمل جاهداً قبل ترجله في تحقيق تطلّعات القيادة، يعجبني هذا الرجل بصدق إيمانه وتواضعه وثقافته المتنوعة التي لا تقف عند حد معين، مما سهل له القيام بعمله بكل توازن، حتى ظفر بحب القيادة له، هذا الرجل الإيماني الصادق، وفق في هذه الوزارة برجالات خبراتية عاملة ومخلصة، تناغمت مع حيويته ونشاطه، وتعمل بجدِّية وتفانٍ على تحقيق تطلّعاته التي تسير وفق توجيهات قيادته الرشيدة، قلت في مقالات عدّة كتبتها عن هذا الرجل المخضرم، هنا وهناك، إنه قفز بالإعلام السعودي قفزات مهولة في زمن قياسي، ازدادت فيه القنوات التلفزيونية المتخصّصة، من أهمها قناة القرآن الكريم وقناة السنّة وقناة الثقافية وقناة الاقتصادية، وأحدث حراكاً في الشأن الثقافي، قيادتنا الرشيدة وجدت فيه، الشخص المناسب في المكان المناسب، لم يكن محباً لذاته، قابعاً في مكانه، بل قلب ثقة ولاة الأمر به وجيّرها، لتكون إصلاحات وتطويرات وتحديثات في وزارته، حتى كسب القبول من شرائح وأطياف المجتمع السعودي غلّف كل ما ذكرت بأسلوبه الهادئ والمتواضع ونظراته التفاؤلية والمستشرفة للمستقبل المشرق، لم يتبق إلاّ أن نهنئ أنفسنا بهذه القرارات الحيوية التي أكرمتنا بها قيادتنا، وجاءت في سياق أوامرها وقراراتها الموفّقة، التي تلامس احتياات الوطن، أهمس في أذن المهتمين بهذا الشأن، بالتفاؤل وعدم التسرُّع في جني ثماره، باعتباره حدثاً جديداً على إعلامنا المرئي والمسموع، غير مألوف، مع الوقت سيأخذ مكانه الطبيعي، ويسجل حضوراً لافتاً، وسينقل إعلامنا إلى العالمية بحول الله وقدرته .. ودمتم بخير. [email protected]