كنت في زيارة سريعة لقاعة أثر في مدينة جدة هذا الأسبوع، وكانت الزيارة الأولى لي. وبالنسبة لسكان جدة أتوقع أن القاعة معروفة، وخصوصاً أن فعالياتها تكاد تكون مستمرة في الفترة الأخيرة، لكن وصفي لها في مقالة اليوم سيكون لمن لم تحصل له فرصة الزيارة بعد. شخصياً، بداية معرفتي بنشاط القاعة كان في الخارج، وهو نشاط ملموس بلا شك؛ فهي - على حد علمي - القاعة السعودية الوحيدة التي تعرض في آرت دبي (علماً بأنها باعت معظم أعمالها في معرض هذا العام)، وهي القاعة الوحيدة التي شاركت مجموعة حافة الصحراء في عروضهم المحلية، كما أنها تمثل حالياً عدداً من الفنانين المميزين على المستوى المحلي، وأعتقد أنها نموذج جيد للقاعة السعودية التي استطاعت العمل في تمثيل الفنون البصرية السعودية رغم العوائق، أو على الأصح عدم توافر المناخ المناسب لتجارة الفنون، بداية من استخراج سجل تجاري دقيق لهذه المهنة، وصولاً إلى نظام تأمين وحماية حقوق فكرية تحمي الفنان والوكيل والقاعة على حد سواء. والقائمون على القاعة يعملون كفريق متناغم، كما يحاولون بشكل أو بآخر تخطي الصعاب التي تدور حول قيام وعمل مثل هذه التجارة، إضافة إلى دورهم في البحث عن المواهب الشابة ودعمها وتثقيفها بصرياً، من خلال توفير المصادر أو فرص الاحتكاك والتعليم والتدريب. وأعتقد أنهم بذلك تعدوا دور القاعة إلى ما يشبه المؤسسة الثقافية أو التعليمية، وربما من أسرار النجاح في فريق العمل البيئة ذاتها التي حرص من خلالها أصحاب القاعة على أن تكون مريحة، ومحفّزة على العمل والإبداع. أما تصميم القاعة وآلية العرض فهي ممنهجة ومؤسسة على نظام احترافي، وربما رأينا نماذج مشابهة في قاعات العرض الغربية ذات المستوى ما فوق المتوسط أو الرفيع، لا من حيث المساحة ولا الموقع ولا التصميم الداخلي، وخصوصاً حين تقارنها بقاعات عرض لندن ونيويورك في تشيلسي أو بروكلين. أخيراً، ما يهمنا في قاعة أثر أو غيرها من القاعات الأخرى، مهما كان حجم العمل لديها، أنها تمثل القطاع الخاص لتجارة الفنون بشكل مهني، وأن يكون تزايدها الحالي أداة ضغط على الجهات المعنية في الدولة لتنظيم تلك التجارة بما يخدم الفنان أولاً، ومن ثم العمل الفني والاقتصاد المحلي على حد سواء. [email protected] twitter @Maha_alSenan