في الغالب عند طرح قضية أو سلوك أو ظاهرة اجتماعية لا تتوافق مع السمت العام للمجتمع، فإن الهدف من ذلك التنبيه للآثار السلبية المترتبة على هذه الظاهرة أو تلك، وصولاً إلى الحلول المناسبة، ومن هذه الظواهر التي طرحت مؤخراً «ظاهرة الإيمو» التي تعني الفتيات المسترجلات، ولعل ما صدر بشأنها من توجيهات بمنع من ينتمي إلى هذه الظاهرة من دخول المدارس والجامعات إلا بعد الاعتدال، وما سبقه من دراسة من ذوي الاختصاص يؤكّد أنها أصبحت ظاهرة تحتاج إلى حلول مناسبة تتصدى لها. ومهما أدت الأجهزة المعنية في التعليم دورها، دون مشاركة المجتمع ومساندته، فإن النتائج لن تكون كما ينبغي، وربما أصبح الحال على ما هو عليه خارج أسوار المدارس والجامعات. فضرر هذه الظاهرة وغيرها ليس مقصوراً على المرافق التعليمية، بل يتعدى إلى الشارع والسوق والأسرة والمجتمع بكافة أطيافه. ولحل أي قضية أو أمر معين لا بد من معرفة مسبباته أولاً، وهذه الظاهرة ساعد في وجودها وانتشارها عدد من العوامل من وجهة نظري أهمها: أولا: انعدام الموجه الحقيقي للأسرة، فإذا كان رب الأسرة أو القائم على أمرها تكاسل في أداء دوره أو أهمل فيه، حتماً تصبح الأسرة في مهب الريح ومتقبلة للمؤثّرات بشكل أسهل وأسرع، ومتى ما فقدت الأسرة توازنها وثقتها في أسسها وثقافتها، ومعتقدها، أصبحت مقلدة وناقلة دون إدراك ووعي، وأصبح المجتمع متخلخلاً سريع التغيّر والتبدل وكثرة الظواهر المرفوضة ذات الآثار السلبية، الأمر الثاني: اهتمام بعض التجار بمضاعفة رأس المال دون الاكتراث بالقيم والمثل العليا، فكثير من المحلات وخصوصاً التي تبيع الإكسسوارات ساهمت في إبراز معالم هذه الظاهرة من خلال بيع مستلزماتها مثل الإكسسوارات التي على شكل جماجم أو على شكل هياكل، أو بيع الملابس التي تكتسي بألوان السواد ويعلوها شلال من الدم، إشارة إلى هذه الظاهرة، قد يكون بعض التجار غير مباشر لتجارته لكنه لا يعفى من المسئولية، فالتجار لهم دور في بناء اقتصاد البلد والمحافظة على قيمته وثقافته وهويته، الأمر الثالث: هذه الظاهرة تنتشر في المجتمعات النسائية المغلقة أكثر من أي بيئة أخرى، فعدم الاهتمام بهذه التجمعات، أو التنبه لها، يبقي هذه الظاهرة مستمرة وحية، والوصول إلى هذه الشريحة يعتمد على ما تقوم به العناصر النسائية المؤهلة من منسوبات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو المتطوعات القادرات على الإقناع وتبيان مضار هذه الظاهرة. الأمر الرابع: القنوات الفضائية وما تبثه من أفلام تروّج لهذه الظاهرة أو غيرها، وكثير مما يبث عبر بعض القنوات مخالف لأهداف التربية والتعليم، وأخيراً الإعلام التقني الحديث الذي أصبح تأثره واضحاً جلياً، وما يحدثه من تغييرات في نمط الحياة. وحتى تنجح جهود وزارة التربية والتعليم أو أي جهة أخرى في التصدي لهذه الظاهرة أو غيرها، لا بد أن يدرك الفرد في المجتمع دوره وكيفية أدائه، وأهمية مشاركته في ما يحقق المصلحة العامة، لخدمة دينه ووطنه، من أهم عوامل النجاح للتصدي لهذه الظاهرة أو غيرها. [email protected]