أتابع في (الجزيرة) صفحة أفراح، وتعقيباً على ذلك أقول: لا شك أن الإسراف في الولائم والإسراف في المياه والكهرباء هذه الخدمات التي كلّفت الدولة ملايين الريالات أمر مرفوض ولكنني سأتكلم هنا عن الإسراف في الولائم والمناسبات بجميع أنواعها، حيث لا احترام ولا تقدير لهذه النعم إلا من هداهم الله، أنا لا أعمم، فالخير والشكر لله موجود ولكن الأكثر لا يبالي بشكر النعم، إن البعض يتسابقون فيمن يكون أكبر بذخاً وإسرافاً من الآخر وتباهياً، لماذا لأكون أفضل وأكرم من فلان الذي قدَّم عشرات الذبائح، وهل نتساءل أين مصير هذه الذبائح والأكوام من الطعام إذا لم يحضر المدعوون جميعاً؟ إن مصيرها حاويات البلدية، ولا شك أن هنالك جمعيات خيرية تقوم بتلقي الزائد من الأطعمة بأمانة وإخلاص حسب ما أنشئت هذه الجمعية من أجله لكن بعض الجمعيات تشرط أن يأتي أصحاب الأطعمة الزائدة قبل الساعة التاسعة مساء لأنها تقفل المحل بعد هذه الساعة ومن يكون قد حضر ضيوفه قبل الساعة التاسعة؟ إن الإسراف أصبح سمة من سمات الكثير مثل الزواجات أو تخرّج جامعي أو ترقية موظف، وحتى في المآتم في حالات الوفاة مع الأسف يتسابقون إلى إقامة الولائم المشكلة ذات الأصناف وفي بعض الحالات يكون ذلك من تركة المتوفى على حساب الورثة وهذا خروج عن سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم. ولم يقل اصنعوا يا آل جعفر طعاماً، وإنني متأكد أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ولا شك أننا مقبلون على عطلة صيفية وموسم قصور الأفراح من الزواجات التي يكثر فيها الإسراف بغير حد معقول إضافة إلى إيجار القصر الذي يصل إلى 30 ألف ريال لليلة الواحدة. إن الاقتصاد في الولائم حث عليه ديننا الحنيف، وكما قال عزَّ وجلَّ {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} سورة الإسراء (27)، وإنني أذكر حديث عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وهي مقالته المشهورة حينما رأى في مجتمعه الإقبال على شراء جميع ما في الأسواق من النعم وتكديسها في البيوت بكثرة، قال - رضي الله عنه- كلمته الشهيرة: أكل ما اشتهيتم اشتريتم.. وكأنه يكبح النفس بعدم إطلاق العنان لها، وأقول: لماذا لا نأخذ درساً وعبرةً من إخواننا المسلمين في بعض الدول التي حلَّت بها النكبات من الحروب والفتن والجوع لا يجدون ما يأكلونه ونحن نتقلّب بين هذه النعم التي يحسن البعض التصرف فيها والمحافظة عليها. حسن علي قاسم الفيفي