يشهد قطاع السكك الحديدية في المملكة نقلة نوعية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث رسم حفظه الله المسار نحو تطوير هذا القطاع وجعله ركيزة أساسية في منظومة النقل من خلال مشاريع عملاقة، بتكلفة تجاوزت 50 مليار ريال، إمعانا في أهمية القطارات ودورها في ربط أنحاء الوطن، ناقلة الركاب والبضائع، مما سيسهم في تعزيز الجانب الاقتصادي، ودعم مسيرة التنمية. وأوضح الأستاذ منصور الميمان أمين صندوق الاستثمارات العامة، أن الصندوق يقوم بتنفيذ عدد من القطارات المعتمدة ومنها مشروع قطار الحرمين السريع الذي يربط ما بين مكةالمكرمة والمدينة المنورة عبر مدينة جدة بخط حديدي بطول 450 كلم تقريبا بقيمة إجمالية بلغت (30) مليار ريال، ومشروع قطار الشمال الجنوب الذي يربط وسط المملكة بشمالها مروراً بمناجم الفوسفات والبوكسايت بخط حديدي طوله 2400 كلم، منها الخط التعديني 1396 كلم، أما الخط الآخر المخصص للبضائع والركاب فسيربط ما بين الرياض وسدير والقصيم وحائل وحتى الجوف بقيمة إجمالية تجاوزت 20 مليار. أما قطار المرحلة الثالثة فهو الجسر البري والذي يربط الرياضوجدة مرورا بالطائف ومكةالمكرمة وبطول 930 كيلوا وسيتم الانتهاء من ترسيته في نهاية شهر مايو. من جانبه، قال معالي رئيس عام المؤسسة العامة للخطوط الحديدية المهندس عبد العزيز بن محمد الحقيل: إن فترة تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- شكلت أهم انطلاقة في تجربة الخطوط الحديدية على مستوى التنظيم والتطوير وتوسعة الشبكة، حيث تجلى الاندفاع في هذا العهد المبارك بزخم شديد في مجال التعمير والإنشاء والتطور في عموم قطاعات الدولة وعلى مستوى جميع مناطق البلاد. وأضاف أن هذه الفترة شهدت صدور عدد من القرارات المهمة التي استهدفت تنظيم هذا النشاط وتطوير بنيته التحتية والفوقية وتوسعة الشبكة، انطلاقاً من المفهوم المنطقي بأن خدمة النقل بالسكك الحديدية لن تكون مجدية طالما بقيت محصورة في نطاق معين داخل المملكة ولن يبرز دورها الفعلي إلا إذا انتشرت عبر شبكة متكاملة تربط التجمعات السكانية الرئيسية بالموانئ والمدن الاقتصادية في مختلف مناطق المملكة. وأشار إلى أن مشاريع كبيرة لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية على مستوى مناطق وأقاليم البلاد تم إطلاقها مؤخراً من أهمها مشروع قطار الشمال الجنوب ومشروع قطار الحرمين وأن اهتمام القيادة انصب في هذه المرحلة على وضع الأسس التنظيمية والقانونية التي تمهد لانطلاقة صحيحة لهذا النشاط الكبير في حجمه، النشط في دوره، المهم في نتائجه وآثاره. وقال: كانت توسعة شبكة الخطوط الحديدية محوراً لعدد من القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء الموقر وفي طليعتها قرار الموافقة على تأسيس هيئة الخطوط الحديدية، التي تتلخص أهدافها في «تنظيم نشاط النقل بالخطوط الحديدية والإشراف على سلمة تشغيله ومن بين أبرز مهامها إصدار التراخيص لمقدمي خدمات النقل بالخطوط الحديدية ومراقبة المنافسة غير المشروعة في مجال تقديم الخدمات وضبطها، ووضع المعايير والشروط الفنية الخاصة باستخدام مرافق الخطوط الحديدية، ومعايير السلامة الخاصة والتحقيق فنياً في الحوادث ونشر التقارير والبيانات وغيرها من المهام ذات العلاقة. وأضاف:» لقد حظي مشروع قطار الحرمين السريع الذي يعتبر من أهم مشاريع السكك الحديدية في المملكة باهتمام بالغ من لدنه حفظه الله تعالى وخلال فترة وجيزة جداً تم توقيع مجموعة من العقود المهمة التي تهدف إلى تنفيذ المشروع وفق أعلى المواصفات والمقاييس المتبعة دولياً، حيث ينتظر له أن يلعب دوراً مهماً في تنشيط حركة نقل الركاب بين المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة مروراً بمحافظة جدة بقطارات عالية السرعة ذات تصاميم متطورة وتعمل بأحدث تقنيات القطارات في الدول المتقدمة في هذا المجال». وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت تطورات نوعية وكمية على مستوى تحديث الشبكة القائمة ركزت على التخطيط الاستراتيجي، وتطوير خدمات الركاب، وتعزيز كفاءة وجاهزية الأسطول، ورفع مستوى السلامة على شبكة الخطوط الحديدية، وتحسين أساليب صيانة الأسطول وبناء ورش حديثة، وكانت لها انعكاسات إيجابية في كافة الجوانب الإدارية والفنية والتشغيلية وتحسن مستويات الأداء، وارتفاع العائدات المالية، وتحسن مستوى الخدمات المقدمة للعملاء، ورفع معدلات جاهزية الأسطول وموثقيته إلى قيم قياسية غير مسبوقة. وختم معاليه تصريحه بالدعاء إلى الله أن يحفظ للمملكة قيادتها الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وأن يحفظ عليها نعمة الأمن والرفاه إنه سميع الدعاء مجيب. ويتكون مشروع قطار الحرمين السريع من 35 قطاراً و385 عربة ويعتبر مشروع أحد أكبر مشروعات النقل بالسكك الحديدية السريعة على مستوى المنطقة والعالم ويعتمد في تنفيذه تقنية متطورة وتأهيل عال وخبرات كبيرة في مجال البناء والتشييد كما هو الحال في عدد من دول العالم خاصة في أوروبا والصين والولايات المتحدة واليابان، ويتطلب ذلك دقة عالية واستثمارات ضخمة وهو ما جعل معظم بلدان العالم تلجأ لأسلوب الاستثمار الحكومي المباشر من صناديقها المالية أو من خلال التعاون الإقليمي كما هو الحال في دول الاتحاد الأوربي، وهذا هو الطابع السائد في بناء مشاريعالقطارات السريعة حيث إن تكلفة بناء واستخدام هذه القطارات تعادل ما يزيد على ضعفي تكلفة القطارات التقليدية. وقامت وزارة النقل ممثلة في اللجنة المشرفة للمشروع بطرحه في منافسة عامة على مستوى دولي شاملة جميع الشركات المتخصصة في القطارات السريعة، وقد تولت لجنة على مستوى عال من الوزارة والمؤسسة وصندوق الاستثمارات العامة وبيوت خبرة دولية متخصصة تقييم ودراسة العروض وفق منهجية ومعايير دولية تضمن الشفافية في التقييم والمقارنة، وقد تمت طريقة النظر في ضوء معطيات العرض الفني لكل ائتلاف المكون من مجموعة من الشركات المتخصصة في تصنيع وتشغيل القطارات السريعة والتأكد من استيفائها لكافة الشروط والمتطلبات، وبناء على نتائج العروض الفنية وبنفس الأسلوب السابق تمت دارسة وتحليل العروض المالية للائتلافات التي اجتازت العرض الفني واختيار أفضلها حيث كان الائتلاف الفائز أقل الأسعار. أما المرحلة الثانية للمشروع، فهي تعتبر الأصعب والأدق مقارنة بالمراحل السابقة حيث إنها تشمل تنفيذ الخط الحديدي وتصنيع وتشغيل المعدات وأنظمة الاتصالات والإشارات وكهربة الخط وتوريد أسطول النقل وتشغيل وصيانة المشروع لمدة (12) سنة وإنشاء مركز تدريب متخصص بهدف توطين هذه الصناعة، إضافة إلى طول الخط الحديدي البالغ (450) كلم، وكثافة التشغيل ومناخ المملكة، تدفق حركة القطارات خصوصاً في مواسم الحج والعمرة مما يتطلب وضع مواصفات فنية عالية الجودة تضمن سلامة التشغيل وسرعة التنفيذ. وتنفيذ أعمال المرحلة الثانية لمشروع قطار الحرمين السريع والبالغ قيمته الإجمالية ثلاثين ملياراً وثمانمائة وخمسة عشر مليون ريال. وتشهد شبكة الخطوط الحديدية خلال المرحلة الحالية تطوراً نوعياً على مستوى التوسعة وبجهود المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وصندوق الاستثمارات العامة ممثلاً بشركة سار في تحقيق هذا الهدف من برامج التوسعة التي تنفذ حالياً، ومنها قطار الشمال الجنوب الذي تعمل على تنفيذه شركة سار والمكون من فرعين أحدهما لنقل المعادن لمراكز التصنيع في ميناء رأس الخير على الخليج العربي والآخر للركاب والشحن الذي يبدأ من الحدود مع الأردن مروراً بعدة مناطق ليلتقي مع قطار الرياضالدمام، ومشروع الجسر البري بين الرياضوجدة، ومشروع قطار دول مجلس التعاون، بالإضافة إلى قطار الحرمين، والتطوير الشامل للشبكة بين الرياضوالدمام. والمشروع لا يخدم المواطنين والمقيمين في المملة فحسب بل جميع المسلمين في العالم، حيث إن المشروع عند انتهائه سيمثل نقلة نوعية في قطاع النقل في المملكة ويدخله إلى مرحلة جديدة يتم من خلالها الاستفادة من تقنية القطارات السريعة والكفاءات التي تتميز بها في نقل الركاب، لما لمشاريع الربط السككي التي تنفذها المملكة في هذه المرحلة والتي تحظى باهتمام خادم الحرمين الشريفين، أهمية بالغة في رفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تحسين بيئة الاستثمار وزيادة تنافسية الصادرات السعودية، حيث إنها ستوفر فرصاً وظيفية عديدة للمواطنين وسيعمل على توطين صناعة النقل السككي في المملكة ومنطقة الخليج، وقد نص العقد على إنشاء مركز تدريب يعمل على استقطاب وتدريب وتأهيل الخريجين للعمل في هذه الصناعة الواعدة.