أظهر برنامج حافز حجم البطالة الأقرب للواقع بعد أن تم قبول أكثر من مليون طالب إعانة وباحث عن العمل في الوقت نفسه؛ ما يرفع نسبة البطالة قياساً بحجم القوى العاملة لقرابة 23 في المائة، وهي نسبة مرتفعة جداً. وحسب الأرقام الاقتصادية للنمو وحجم الإنفاق الحكومي النشط وما يتولد من وظائف فإن هذه النسب من البطالة تعبِّر عن خلل في القدرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة، رغم أن حجم الوظائف التي تُفتح سنوياً كبير جداً؛ حيث يقارب عدد التأشيرات المصدَّرة سنويا المليون تأشيرة عمل، وعلى أقل تقدير فإن 30 % من هذه التأشيرات لمهن يمكن شغلها بمواطنين، ولكن هل وزارة العمل تتحمل وحدها مسؤولية احتواء البطالة ومعالجتها مهما طرحت من برامج، وأصدرت من قرارات؟ الجواب بالتأكيد لا؛ فالوزارة جهة تنظيمية لسوق العمل، وما تقدمه من برامج هو لفتح آفاق عديدة نحو استيعاب سوق العمل للعاطلين. غير أن العديد من الجهات تشترك مع وزارة العمل في مسؤوليتها عن ملف البطالة؛ فوزارة التجارة لديها السلطة الواسعة عن نشاط قطاع الأعمال؛ فالرخص لممارسة الأنشطة التجارية بمختلف أنواعها تصدر من الوزارة؛ ما يعني قدرتها على إيقاف تجديد أو منح أي ترخيص لا يطبِّق معايير السعودة ونسبها التي أقرتها وزارة العمل، كما أن لدى كل الوزارات التي تطرح مشروعات ضخمة سنوياً التأكيد على شرط تحقيق نسب السعودة للحصول على المشاريع، كما يمكن إيقاف صرف مستحقات المنشآت الخاصة التي تنفّذ مشاريع حكومية إذا لم تلتزم بالسعودة. ويمكن للجهات الرقابية التأكد من تطبيق الجهات الحكومية هذه الاشتراطات بمراجعتها دورياً، والحصول على تقارير مدعومة بمصادقة وزارة العمل على كشف نِسَب السعودة التي تطبقها منشآت القطاع الخاص ذات العلاقة بالمشاريع الحكومية، فيما تستطيع هيئة مكافحة الفساد القيام بمراجعات شاملة لمدى التزام جميع الجهات، بما فيها القطاع الخاص، بتطبيق النظام الخاص بالسعودة، وتقييم فعالية هذه الأنظمة؛ فالهيئة - وبحسب ما ذُكر عن صلاحياتها - معنية بمكافحة الفساد بالقطاعَيْن العام والخاص. وبما أن مخالفة الأنظمة وعدم الالتزام بها يعدان فساداً فمن حق الهيئة التدخل وتطبيق النظام والمحاسبة على التقصير الذي يظهر من أي طرف. البطالة ملف عام، ومسؤوليته متعددة الأطراف، ولا يمكن أن تعالجه جهة واحدة حتى لو كان من صميم عملها، وإذا ما صُنِّفت مخالفات تطبيق السعودة بوصفها حالات فساد تستوجب العقاب فإن فعالية البرامج التي تنفذها وزارة العمل ستكون أكثر وأسرع تأثيراً، وستظهر نتائجها الإيجابية في وقت قياسي؛ فمن غير الممكن أن يُعَدّ الاقتصاد المحلي من بين أبرز الاقتصادات العالمية نمواً وقوة، ويوفر ملايين فرص العمل بالقطاع الخاص، ولا يكون حصة المواطنين منها أكثر من عشرة في المائة.